أحداث غزة والانحياز الأمريكي، وأثره في تراجع بعض التطبيقات الرقمية
عبد العزيز شبراط
ما هو التقييم السلبي؟
التقييم السلبي هو بنية نفسية تعكس » التخوف من تقييم الآخرين، والقلق بسبب التقييمات السلبية من الأخرين أو توقع التقييم السلبي من جهة الآخر » ويعود هذا التعريف إلى ديفيد واتسون ورونالد فريز حيث قاما بتعريف هذا البناء النفسي وكذلك الاختبار النفسي، لقياس نسبة الخوف من التقييم السلبي للآخرين وذلك سنة 1969 قبل حتى أن تظهر مواقع التواصل الاجتماعي، أو تطبيقات التكنولوجيا الحديثة، ومعلوم أن أبل وجوجل يملك كل منهما متجرا لبيع هذه التطبيقات أو لتحميل المجاني منها، وهذين المتجرين وهما على التوالي App Store و google play،ويسمح هذان المتجران للمستخدمين، القيام بتقييم، وكتابة التعليقات على صفحات التطبيقات، واستعراض تجربتهم مع التطبيق لغيرهم من المستخدمين، ويمكن تقييم التطبيق، على مقياس من 1 إلى 5 نجوم حيث 1 أقل تقييم يمكن وضعه و5 هي الأعلى تقيماً. وإذا كان البعض لا يهتم بهذا التقييم، ويكتفي بتحميل التطبيق، فإن نسبة كبيرة من المستخدمين تستعملها وتستجيب لها، كما تعتبره الشركات منتجة التطبيقات مقياسا لتقييم الأداء وعاملا من عوامل إشهار التطبيق عبر المتجرين، وكما يعرف الجميع أن متجر أبل به التطبيقات التي تشتغل في بيئة نظام التشغيل IOS ومتجر جوجل توجد به التطبيقات التي متوافقة مع نظام التشغيل android.
و كما يعرف مستعملي الهواتف الذكية أن هذين المتجرين يقسمان دول العالم الى 155منطقة، وقد تضم منطقة واحدة دولة بأكملها، كما قد تضم أخرى في نطاقها أكثر من دولة.
وتختلف كل منطقة من الـ 155 منطقة جغرافية على متاجر أبل وجوجل، في شكل وظهور التطبيقات عليها، وعليه يختلف عدد التقييمات والنتائج للتطبيق الواحد بين المناطق المختلفة.
مثال على ذلك قد يحصل أحد التطبيقات على تقييم 3 من 5 في منطقة ما، ويحصل نفس التطبيق في نفس الوقت، على تقييم 4.5 من 5 في منطقة أخرى، ويرجع الاختلاف إلى أن متاجر الهواتف الذكية تعتمد على التقييم الفعلي للتطبيق داخل المنطقة الجغرافية، ولا يوجد تقييم عالمي موحد لكل تطبيق.
لكن هل تستطيع الشركات، إلغاء تقييمات المستخدمين السلبية؟ لا يحدث ذلك بشكل اختياري وإلا فقد هذا التقييم دوره التنافسي، لكن توفر متاجر أبل وجوجل للهواتف الذكية، وللشركات صاحبة التطبيقات، الأحقية في إعادة تعيين التقييمات التي يحصل عليها أي من تطبيقاتها، فقط عند إصدار نسخة جديدة أو تحديث من التطبيق.
إلا أن إعادة تعيين التقييمات لا تؤدي إلى إعادة تعيين التعليقات المكتوبة للتطبيقات، ولكن يحق للشركات تقديم بلاغات وطلبات للحذف، حول أي تعليقات ترى أنها وهمية أو موجهة على غير الحقيقة.
كما لا يمكن حذف تطبيق ما بسبب تدني تقييمه، وشروط الاستخدام الخاصة بالمتجرين، تنص صراحة على أنها لن تقوم بإزالة التطبيقات ذات التقييمات السلبية، أو المنخفضة ولكنهما يمنحان للمطورين أصحاب التطبيقات خيارات إعادة تعيين التقييمات بالطريقة التي أرنا إليها أعلاه، ولم يسجل من قبل حالة لحذف تطبيق اجتماعي نشط بسبب تقييمات المستخدمين.
لكن ما الجدوى، من إثارة مسألة التقييمات هذه؟
ما جعلنا نخوض في هذا الأمر، هو سلسلة التعليقات والتقييمات السلبية التي انهالت على تطبيقات فايسبوك، في متاجر أبل وجوجل للهواتف الذكية، في الأيام الأخيرة إبان الهجمات الاسرائيلية على غزة، إذ لجأ عدد كبير من مستخدمي فايسبوك و انستجرام إلى كتابة تعليقات وتقييمات سلبية في صفحات هذه التطبيقات على المتجرين إياهما، كوسيلة احتجاجية وللتعبير عن تظلمهم، مما اعتبروه تحيزا واضحا من شركة مارك زوكربيرغ ضد القضية الفلسطينية وتعرض تقييم فيسبوك لانخفاض كبير، حيث وصل تصنيفه إلى 2.3 نجمة بالمتجر الأمريكي و 1.2 نجمة بالمصري و 1.5 نجمة بالسعودي والإماراتي و 1.9 بالبريطاني بل أن عرب الداخل المحتل “العرب في إسرائيل” تمكنوا من تخفيض التقييم في المتجر “الإسرائيلي” ليصبح 1.3 أي أقل من معظم المتاجر العربية. في جوجل يتم وضع تصنيف وتقييم لكل الدول معاً ويصل تقييمه لحظة مراجعة المقال إلى 2.4 نجمة. وكانت غالبية المراجعات الحديثة بنجمة واحدة.
وتناولت العديد من المنابر الاعلامية هذا التقييم المنخفض والتعليقات السلبية لفايسبوك، وهكذا فقد ذكرت شبكة إن “بي سي نيوز” الأمريكية ، يوم الأحد الماضي، إن شركة “آبل” رفضت طلبا من “فيسبوك” لإزالة التعليقات السلبية في متجر التطبيقات الخاص بها، بعد أن نسق المستخدمون المؤيدون للقضية الفلسطينية جهداً لخفض تقييمات التطبيق، بسبب الرقابة على المحتوى الفلسطيني.
وذكر تقرير للشبكة الأمريكية، أن فيسبوك حاول أيضا مع غوغل لمعرفة ما إذا كان سيتم حذف التعليقات السلبية بشأن التطبيق، لكن لم تعرف نتائج الاتصال.
وأوضحت أن تقييم تطبيق فيسبوك على متاجر التطبيقات تراجع بعد حملة بدأها نشطاء على مواقع التواصل الاجتماعي بسبب سياساته بحظر منشورات وحسابات تتحدث عما يحدث في فلسطين.
وقالت الشبكة، إن تقييم “فيسبوك” تراجع إلى 2.4 (من 5) على متجر تطبيقات غوغل بلاي فيما تراجع إلى 2.3 على متجر تطبيقات في أبل، بعدما كان تقييمه 4 نجوم قبل بداية الحملة.
ودعا النشطاء إلى تقييم “فيسبوك” بنجمة واحدة فقط مع ترك تعليق يشرح سبب هذا التقييم المنخفض، بعد أن اشتكوا من تقييد فيسبوك وحذفه للمحتوى والحسابات المؤيدة لفلسطين خلال العدوان الإسرائيلي على غزة.
وأوضحت الشبكة، أن الكثير من المستخدمين تركوا تعليقات تنتقد “محاولات فيسبوك إسكات الصوت الفلسطيني” مع ترك وسم مثل “فلسطين حرة” أو “غزة تحت القصف” باللغة الإنجليزية.
وقالت الشبكة، إن شركة فيسبوك تتابع نتائج الحملة بأعلى درجات الجدية، مشيرة إلى أن رسائل داخلية كشفت عن تراجع “ثقة” المستخدمين للتطبيق بسبب إحساسهم بفرض الرقابة عليهم أو إسكاتهم نهائيا.
وقالت الشبكة إن منظمة “أكسيس ناو” التي تدافع عن الحقوق الرقمية، وثقت عدة أمثلة على تقييد تطبيقات مثل “فيسبوك” و “تويتر” و “إنستغرام” لاستخدام ورسوم مثل “المسجد الأقصى” وصولا إلى تقييد حسابات مثل الناشطة الأمريكية من أصل فلسطيني مريم البرغوثي.
وقال السفير الفلسطيني في بريطانيا حسام زلمط أنه تلى رسالة اعتذار وإعلان وأيا بتصحيح الأخطاء من إدارة الشركة، وأضاف السفير أن رسالة الاعتذار تلك جاءت ردا على » الشكوى التي تقدمتها دولة فلسطين عن تقاعس الشركة عن مسؤوليتها القانونية والاخلاقية في احترام القانون الانساني الدولي وحق الشعب الفلسطيني في التعبير عن الاضطهاد الذي يتعرض له.، والنضال من أجل إنهائه ».
ومعلوم أن هذا التصرف من جانب شركة فايسبوك حصل أيضا أيام الحملة الانتخابية الرئاسية الامريكية، إذ انحازت الشركة لجهة ترامب، وكل مرة يحدث فيها مثل هذا الأمر، تخرج علينا الشركة بتصريحات طلبا للاعتذار، وبوعود تؤكد فيها الوقوف على إصلاح الامر وعدم تكراره، ولكنها لا تنفك لتعود الى نفس الامر بمجرد مروره.