امرأتان، كالوشم في الذاكرة.
فؤاد الجعيدي
طالعني عبر ملصق إشهاري لبيت الصحافة بطنجة، أنه سيجري في هذا اليوم العظيم من 8 مارس 2022 الاحتفاء بنساء إعلاميات، تحت شعار نساء بنكهة التميز.
وللتاريخ، امرأتان من المجموعة أثرن في بأسلوبهن الرفيع والحكيم، أولى هن السيدة ليلى الملياني، التي ظل صدى صوتها لم يفارقني أيام كان للمذياع سلطته على كل البيوت.
وكانت السيدة ليلى فريدة ومتفردة في ذلك الزمان في مؤانسة ربات البيوت المغربيات.
شاءت الظروف في بداية مشواري الإعلامي أن تعرفت على السيد ليلى في قطار التنمية والذي شاركت فيه باسم صحيفة البيان.
كنت ساعتها مشاكسا ومشاغبا، وألوح داخل الحافلة في وجه السيد ليلى بأنها جميلة، كانت إشارة أصابعي تنقبض وأفرج عنها بحركات متتالية دون انقطاع كما يفعل في الأعراس أمام العرائس.
السيد ليلى ابتسمت، لكن تكراري للحركة جعلها تغضب فاسترددت أصابعي لكأني أقول لها أن الإشارة لا تعنيها.
على مائدة الغذاء اقتربت منها كثيرا، كانت امرأة طيبة بكل مقاييس الدنيا، لكن منذ ذلك الحين لم أرها ثانية، كان الحدث في سنة 1985 إلى أن طالعني وجهها عبر الملصق، لذا أحببت أن أوجه لها تحية بحجم الكون واعترافا أنها لا زلت هنا بالذاكرة كالوشم.
المرأة الثانية السيد فاطمة الإفريقي، ذاك الصوت الرخيم الذي كان يمتعنا بالبرامج الثقافية، في زمن كانت التلفزة تستحضر احتياجاتنا من الثقافة والفكر وكانت فاطمة تلك المرأة التي تحسن بطلعة وجهها الهادئ، تقديم الأدب بما يستحق من بهاء وجلال.
السيدتان كانتا ينتميان إلى جيل تمكن بأصواتهن أن يصنعن لنا الملامح البطولية، والرغبة في الارتقاء ومنهن تعلمنا الشيء الكثير.
كانت البيداغوجية حاضرة في هن.. وحين رأيت صورتها على الملصق تدفق الزمن الجميل كشلال ماء لا ينضب.
أسفي على الأجيال الراهنة التي لم تعش مثل هذه النعمة التي كان لها الفضل في رسم اتجاهاتنا في الحياة.
ولهما مني أفضل تحياتي المودة والاحترام.