قصة لالة مسعودة الوزكيتية وجنان الصالحة.

قصة لالة مسعودة الوزكيتية وجنان الصالحة.
شارك

    ذة/ ثريا طهري

    في هذا السرد سنتعرف على شخصيات مغربية قديمة ،وقد اخترت لكن/لكم من هذه الشخصيات  » لالة مسعودة الوزكيتية » و هي ابنة  « أبي العباس أحمد بن عبد الله الوزكيتي  » أمير قصبة تاوريرت القريبة من وارزازات ، وللتأريخ أقول انه كان من بين المناصرين للدولة السعدية ،بل كانت له الريادة في دعم نشأتها بسوس ودرعة، ولقد كان أهل المغرب يطلقون عليها « لالة مسعودة »، وفي هذا الإطار يمكن لنا القول بان أهل  ورزازات لهم الحق في  أن يفتخروا بها .

 وتعرف كذلك باسم « لالة عودة »  وهو تلخيص لاسم مسعودة.  كل هذا في الوقت الذي كانت تفضل ان يطلق عليها لقب « الأميرة المحسنة « ،لما كانت  في بيت والدها ، كما لقبها بعض المؤرخين ب »عنقاء الصحراء « وعرفت أيضا باسم « السيدة الحرة الصالحة « .

    ومع مرور الزمن  ستتزوج من » محمد الشيخ المهدي » مؤسس الدولة السعدية، وتبقى هي أم السلطان » احمد المنصور الذهبي »، ويقال – كذلك –  أنها ام اخوه « عبد الملك ». علما أن العديد من المؤرخين يقولون بان أمه الحقيقية هي « سحابة الرحمانية « الزوجة السابقة لمحمد الشيخ.

  ويمكن القول انه لم تغريها لا القصور ولا السلطة، وكانت تحرص على اقتناء المفاخر في فعل الخير، ولذلك اختارت مساعدة المحتاجين، فحق القول بانها امرأة جوادة حريصة على الذكر وقيام الليل، لها أهلية شرعية، حافظة للعلوم، ساعية في الخير وأعمال البر، اعتنت بالأيتام والأرامل وتزويج الفقيرات، وسهلت أمور الناس للوصول إلى المناطق والمراكز البعيدة ، كما أنشأت الحوانيت كموارد رزق للشباب وتزويجهم وحبستها عليهم بتوثيقها، وسنت العديد من القوانين الناظمة للعمل الجمعوي آنذاك، كما حبست الكثير من الأراضي والبنايات على المساكين والمحتاجين ،وهو ما اورده  المؤرخ الناصري في كتابه الاستقصا بالجزء 5، وأكده ابن القاضي في كتاب « المنتقى المقصور « . وكانت توثق كل ما تحبسه تفاديا للمشكل  الممكن ان تترتب عن الارث.ويعود لها الفضل في بناء المسجد المعروف بباب دكالة بمدينة مراكش الحمراء وأوقفت عليه الأوقاف والأحباس، وكانت تشرف عليها بنفسها مع العدول وجعلتها على القيمين من الإمام والخطيب والطلبة، ونظمت الكراسي العلمية، ولها  مجموعة من الخطوط على بعض الوثائق ،لازالت محفوظة لحد الآن.

وبالرجوع إلى  قصة (جنان الصالحة) نجد انها تتنوع في كلماتها من منطقة إلى أخرى تبعا لمختلف المناطق الجغرافية المغربية. وعموما يحكى أن » لالة عودة »  كان عندها جنان فيه من الرمان والخوخ ما يسر الناظرين، وحدث أن كانت حاملا، والشهر رمضان وبينما هي تمشي في جنباته – الجنان – أغواها الخوخ ولم تستطع أن تقاوم رغبتها فيه ، فقطعت واحدة وأكلتها ناسية أنها صائمة، ولما انتبهت لزلتها ، بكيت لذلك خوفا من الله، وهي الصوامة القوامة(كما ذكرها بلقاضي في المنتقى المقصور )، فدعت النفارين(أي البراحة )وكلفتهم بترديد هذه الأغنية للتكفير عن ذنبها ، فكانوا يتغنون بالأغنية التالية ، ونوردها هنا  كما هو  متعارف  عليها عند أهل الجنوب المغربي:

        لالة عودة كلات رمضان……..

        بالخوخ والرمان ….

       لالة عودة كلات رمضان…..

       اغفر ليها يارحمان .

أما في المناطق الشمالية الشرقية فكنا – باعتبار انتمائي الجغرافي –  نلعبها واضعين الأيادي فوق الأرض، وتتكفل واحدة منا بقول :

      اجرادة مالحة…فين كنت سارحة…في جنان الصالحة.

      أش كليتي أش شربتي…

      غير التفاح والنفاح…

      يا القاضي يابو مفتاح

وهي تنتقل بين الأيادي ومن انتهت عندها الحكاية لها الحق في جمع يديها ووضعها على بطنها تحت الملابس ، وتستمر اللعبة حتي آخر واحدة منا  في المجموعة ،ومن تكون يديها أكثر سخونة  ،في النهاية هي من تتحكم في زمام اللعبة.

 وعموما هي حكاية تتغير بمفهومها واسلوبها من منطقة لأخرى.

تلكم ايها الاحبة هي السيدة الصالحة، السيدة الفاضلة التي  ستبقى وشما مشعا ومنيرا  في تاريخ المغرب الذي كانت نساؤه كرجاله  ،لا فرق بينهما في العقل والعطاء والبذل، وسمو الاخلاق ومكارمها ، وبذلك  يكون  الصلاح والشرف والتميز نموذجا للأخلاق المغربية الفاضلة في ابهى تصوراتها  ،وتجلياتها  التي لا تقتصر على فئة دون أخرى.

 واختم بالقول أن هذه السيدة  الفاضلة توفيت في  27 محرم سنة 1000 هجرية/ الموافق ل 14 نوفمبر 1591 م وهي دفينة قبور السعديين في حي القصبة داخل أسوار مدينة مراكش القديمة .

admin

Laisser un commentaire

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée. Les champs obligatoires sont indiqués avec *