مأزق الموظفين العموميين..
يونس فنيش
26 أبريل 2022
إشاعة « تسريب مسودة اللجنة المكلفة بإصلاح صناديق التقاعد » في الآونة الأخيرة، عبر شتى وسائل التواصل الإلكترونية، تستدعي المساهمة المواطنة عبر إبداء الرأي وإنتاج الأفكار في هذا الصدد، وكذلك اقتراح حلول بديلة قدر المستطاع نظرا لأهمية الموضوع و لكل غاية مفيدة، علما أن الآراء والأفكار المنبثقة من الغيرة على الوطن من شأنها مساعدة الحكومة على اتخاذ قرارات صائبة موفقة ترضي جميع النيات الحسنة و الله المستعان.
فالمرجو من السيد رئيس الحكومة عزيز أخنوش أولا التقدم بشرح مقنع، وربما أيضا تحديد المسؤوليات، في ما يتعلق بإفلاس صناديق التقاعد، قبل اتخاذ إجراءات إضافية، بعد تلك التي كان قد اتخذها رئيس الحكومة السابق السيد عبد الإله بنكيران ضد جميع الموظفين العموميين -باستثناء موظفي الأمن الوطني وربما هيئات أخرى التي تحتكم إلى قوانين مهنية خاصة أو التي لها وضع قانوني خاص، والله أعلم-، كتمديد سن التقاعد إلى حدود 65 سنة بدل 63 سنة، ورفع مبلغ الاقتطاعات للمرة الثانية، وخفض قيمة المعاشات مرة أخرى عبر تخفيض معدل الأقساط السنوية من 2 إلى 1،5 ./. في ما يتعلق بالتقاعد، و من 1,5./. الى 01./. بالنسبة للتقاعد النسبي، وربما أشياء إضافية غير سارة بتاتا كتحديد نسبة 70./. من الراتب كحد أقصى…
النكسة التي يتعرض لها الموظفون العموميون قد تدفع الناس إلى اعتبار أن لا فرق بين حكومة العدالة والتنمية وحكومة الأحرار، و قد تجعلهم يجزمون بأن لا برامج تخص هذا الحزب أو ذاك، وقد تدفعهم للاعتقاد بأن الأمر يتعلق بمجرد مسرحيات تلعب قبل و خلال الحملات الانتخابية من لدن أشخاص هدفهم فقط مصالحهم الشخصية الضيقة، والله أعلم.
إن الحكم على الموظفين العموميين « بالموت البطيء »، لا قدر الله، وذلك عن طريق خفض رواتبهم ومعاشاتهم الهزيلة أصلا مقارنة بموجات الغلاء الفاحش للمعيشة الذي نشهده في زمننا هذا حل ضعيف وغير ذكي، لأن كل الإجراءات المتخذة ضد الموظفين العموميين ستضعف الدولة و الاقتصاد الوطني معا، ناهيك عن كونها إجراءات من شأنها إنعاش ظاهرة الرشوة و المحسوبية و قد تقضي لا قدر الله على النزاهة، و ذلك لكونها إجراءات مخيفة قد تتسبب في الشعور بعدم الاطمئنان على المستقبل لأنها تهدد الاستقرار المعيشي للموظفين العموميين في فترة ما بعد التقاعد.إن الأكثر تضررا من إصلاح صناديق التقاعد هم الموظفون العموميون الوطنيون النزهاء الذين يكتفون بأجورهم من باب الاستقامة و الوطنية الحقة، و بالتالي فلا مدخرات لديهم و لا أرصدة و لا ودائع ضخمة لهم غير مبررة في الأبناك؛ عكس بعض المرتشين من بينهم الذين لا تهمهم كلفة إصلاح صناديق التقاعد، لأنهم بكل بساطة استغلوا أو يستغلون الوظيفة العمومية، و الله أعلم، للاغتناء بطرق غير قانونية و غير مشروعة وذلك بانخراطهم في شبكات المحسوبية و الرشوة و ربما أشياء أخرى… و لعل أو لا شك أن لدى « الهيئة الوطنية للنزاهة و الوقاية من الرشوة » برئاسة السيد محمد بشير الراشدي ما يفيد في هذا الصدد بشكل دقيق…
وحدهم الموظفون العموميون الوطنيون النزهاء الشرفاء متضررون حقيقة من الإجراءات المجحفة المرتقبة في ما يتعلق بإصلاح صناديق التقاعد، لأن بعض المرتشين من بين الموظفين العموميين لديهم عائدات الرشوة سواء كانت اعتيادية أو عرضية من حين لآخر، و سيجدون حين تقاعدهم مدخرات الرشوة التي جمعوها رهن إشارتهم، وأما عامة الموظفين العموميين النزهاء الشرفاء الذين سيحالون على التقاعد فسيكونون على موعد مع ضيق العيش، وربما سيواجهون الجوع في أواخر كل شهر في ما سيتبقى من أعمارهم… و هذا ليس عدلا. نحتاج لمن يبلغ السيد رئيس الحكومة عزيز أخنوش باقتراح تطبيق مبدأ « من أين لك هذا في الوظيفة العمومية » ( أنظر مقال سقوط الديمقراطية/جريدة الصحيفة/جريدة هسبريس) على جميع الموظفين العموميين وكذلك على أصولهم وفروعهم، واسترجاع الأموال المحصل عليها من غير وجه حق للاستعانة بها من أجل إصلاح صناديق التقاعد، قبل الشروع في عملية تنفيذ تلك الأحكام المجحفة ضد الموظفين العموميين لإصلاح صناديق التقاعد، في حالة الاضطرار المبرر طبعا… وفي الختام، ورغم كل ما وجبت الإشارة إليه في هذا المقال من باب المواطنة الفعلية و في إطار حرية التعبير، لابد من التأكيد على ضرورة التفاؤل بمستقبل جميل و سعيد للجميع لاسيما وأن الأخبار تفيد باكتشاف حقول نفط في وطننا الحبيب…اللهم بارك.