رسالة من أخ نقابي إلى صديق مختص في الـتأويل السياسي

رسالة من أخ نقابي إلى صديق مختص في الـتأويل السياسي
شارك

من مناضل نقابي بالاتحاد المغربي للشغل

رسالة إلى زميل عزيز متحامل

قرأت تعليقك، على دعوة الاتحاد المغربي للشغل العمال والموظفين والمستخدمين بكل ربوع الوطن التسجيل في اللوائح الانتخابية. وقرأت كيف تربط الموضوع باستقلالية الاتحاد المغربي للشغل وكيف تدعي أن حزبا ما قد قام بشرائه.

زميلي العزيز، الاتحاد المغربي للشغل  نقابة مستقلة وأنت تعلم ذلك جيدا.

وما حسبتك يوما، تصل حد فقدان التمييز ما بين الدعوة للتصويت لحزب معين والدعوة للتسجيل في اللوائح الانتخابية.

هل تعلم أن حتى بعض الأحزاب السياسية التي تدعو لمقاطعة الانتخابات تشارك أحيانا في الدعوة للتسجيل في اللوائح الانتخابية؟ أم أنك أصبحت تعارض كل ما يقوم به الاتحاد المغربي للشغل، دون تمييز!!!

تذكر زميلي العزيز، قبيل الانتخابات المهنية، في اتصال هاتفي بيننا، رميت الاتحاد المغربي للشغل ب »تهمة » تبعيته لحزب التقدم والاشتراكية، و الآن لا أعلم لمن تراه تابعا، هل لحزب التجمع الوطني للأحرار أم الاتحاد الدستوري أم الى من ؟

لا يكفي أن تصدر أحكاما، وانت ابن حزب يبحث عن قاعدة للصعود لدفة الحكومة المقبلة، لكي تصبح حقائق. لم يثبت التاريخ يوما أن حزبا ما اشترى الاتحاد المغربي للشغل، فهذه المركزية لديها قناعة راسخة نقولها في نشيد الاتحاد: من يعادينا سيصعق.

فالاتحاد نقابة وليست حزبا سياسيا وحين نعادي أحدا فإنما نقوم بذلك ليس من منطلق معاداة خطه المذهبي والسياسي، بل من واقع ممارسته سواء كحزب (تقسيم الطبقة العاملة، التعبئة ضد الاتحاد و معاداته. ..) أو كمسؤول عن تدبير مؤسسة من المؤسسات الرسمية وخاصة الحكومة(تمرير تراجعات عن المكتسبات، قمع نضالات العمال، استخدام وسائل رسمية لعرقلة انخراط الموظفين و العمال في الاتحاد..)

و أنت تتحدث عن شراء النقابات هلا حدثتنا، زميلي العزيز، عن كيف استطعت أن تهضم وأن تسكت و أنت الذي يقسم بأغلظ الأيمان أن تبقى وفيا لخدمة مصالح من تمثله في اللجان الثنائية، عن شراء بنكيران لحزبكم و نقابته وجعلهم يقبلون تمرير قانون تخريب مكتسباتنا في التقاعد ؟

هل رأيت الفرق بين أن تكون نقابة مستقلة عن الجميع: الدولة، الأحزاب، الباطرونا والمنظمات غير حكومية بالداخل والخارج، وأن تكون نقابة منظمة موازية لحزب؟ الفرق شاسع زميلي. فلا أحد يمكنه أن يملي على الاتحاد مواقفه غير تقديره الخاص لمصلحة العمال و الموظفين.

الاستقلالية بالنسبة إلينا لا تعني أخيرا الحياد. فالاتحاد المغربي للشغل ينظم الطبقة العاملة وهو معني بالصراع السياسي الدائر داخل المجتمع.

 عليك أن تتذكر أن أول عملية شق تعرض لها الاتحاد المغربي للشغل كانت من تدبير حزب الاستقلال حين فشل هذا الأخير في تطويع نقابة العمال المغاربة وجعلها دراعا في يده يستعملها للضغط على الدولة لنيل مآربه الوزارية وغيرها. آنذاك اتهم حزب الاستقلال النقابة بالتدخل في شؤون السياسة، أما بعد أن عجز حزب الاتحاد الوطني للقوات الشعبية (الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية فيما بعد) في ركوب النقابة وتسخيرها خدمة لأجنداته السياسية فقد الصق بها تهمة النقابة الخبزية أي المحايدة سياسيا. تعود هذه النقاشات إلى سنوات 60 و 70 من القرن الماضي و يبدو أنك لاتزال تلوك نفس الكلام دون أخذ العبرة التي تقتضيها الاستقامة والنزاهة الفكريتين.

و عموما زميلي الكريم، ليس موقف الاتحاد الداعي إلى التصويت العقابي إلا شكلا من أشكال بحث الطبقة العاملة عن مخرج من مأزقها السياسي، و منا داخل الاتحاد من لم يوافق على هذا الموقف لكنه موقف اتخذه المجلس الوطني للمركزية قبل الانتخابات البرلمانية السابقة. ولم يكن الموقف المتخذ يدعو بالتصويت لأي حزب بعينه، بل فقط حملة لفضح الأحزاب الحكومية والدعوة للمشاركة الواسعة والتصويت لغيرها من الأحزاب. إذا كان هذا في نظرك دليل تبعية لحزب ما أو دليل شراء حزب ما للاتحاد المغربي للشغل، فليكن. ولنساير تحاملك هذا و تطويعك لمعطيات الواقع لتبرير انتماءك النقابي إلى نقابة تابعة لحزب سياسي. لا يمكنك أن  تنكر أن حزبين ناصبا العداء والخيانة لمصالح الشغيلة المغربية خلال الولايتين الحكوميتين  السابقتين لا تستطيع أن تدعي أنهما قاما بشراء الاتحاد المغربي للشغل : حزب العدالة و التنمية وحزب الاستقلال؟

ومن منظورك للأمور، أقول لك وحده هذا الامر يكفينا فخرا.

ختاما زميلي العزيز، أطمئنك أن الاتحاد المغربي للشغل لا يباع  ولا يشترى وهو أكبر من أن يكون تابعا لأي حزب، وأبوابه مفتوحة في وجه كل من آمن بوحدة الطبقة العاملة، ووحدة نقابتها واحترم حرية الانتماء وعدم الانتماء الفكري والسياسي والحزبي لكل الاعضاء.

أتمنى أن تجمعنا معارك المستقبل دفاعا عن مصالح الطبقة العاملة،عامة وأن لا تضطرك تبعية نقابتك لحزب الاستقلال أن تكون في الضفة الأخرى من الخندق.

admin

Laisser un commentaire

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée. Les champs obligatoires sont indiqués avec *