إطلالة من ثقب ابرة

بقلم عبدالحق الفكاك

من غير أن تسألني حتى.. فإني أصارحك القول: بأن القدر هو من وضعك في طريقي، وأردنا أن نتذوق علقم النضال من جديد.. وإن ظلت مرارة الخيانة عالقة في عمق الذاكرة.

لا عليك عزيزي، فؤاد.. ها أنا أفتح وإياك نافذة على الماضي.. فأمدد بيدك إليَّ.

لعلَّنا نعبر إلى ذلك الزمن الجميل الذي لازال يُلقي علينا بضلاله.. وكأنه الأمس القريب ؟

ناوِلني يديك الطاهرتين، ودعنا نقترب منك أكثر فأكثر.  إلى حيث تترجَّل بثقة جنرالات الحرب.. تلقي بالخطوة تلوى الأخرى مسرعا في أول شارع إميل زولا ، وأنت تتأبط ما خطته يُمناك من غضب شعبي ماقت .. تنقله لمقر الجريدة بكل أمانة.

ها أنا أكاد اسمعك وأنت تترافع للمرة الألف بعد المليون، كي لا تتنازل قيد أُنملة عن سطر بائس تزعم أنك ضمَّنته كل ما أردت قوله، وهاهم بالمقابل يذكرونك يا فؤاد بأنهم فوق هذا وذاك يمارسون السياسة فقط ؟ فلا تضيع وقتهم في الحديث عن الصحافة و كثرة الكلام الذي لا طائل منه، إذ لم يتبقَّ أمامهم من الوقت إلا ما سيسمح لهم بإعادة   الكتابة ب » الدَّاكْتِيلو  » وإلصاق الصور في  » الكَالْك  » وإرسالها إلى عبدالهادي للطبع بعد موافقة  » مول الشْغُل « 

 طبعا ها أنت تغادر غير راض بالمرة .. وتلك كانت عادتك.. لذلك كان لا بد من أن ترتشف كأس المدام  » بالحُفرة المعتادة  » وبعد أن تتحرك مشاعرك لا بأس من أن تلعن كل شيء .. حتى الأيام التي جمعتك بهؤلاء الناس ..

طبيعي أن أراك تستقل سيارة الأجرة في آخر الليل لتعود أدراجك محملا بآهات مبحوحة تنم عن قلق شديد مما يجري.. وقد تطلع شمس النهار  .. وأنت لا تنام

 وهكذا ذواليْك يا فؤاد.. يتكرر المشهد من يوم لآخر..وربما لا يسعفك صبرك القليل، فتقرر الانسحاب دونما مراجعتهم لصرف ما تبقى من مستحقاتك .. أو على الأقل لتوديع الشرفاء منهم.

ولأنك عنيد  » وراسك قاسح  » مثلي.. فهاهم يقررون أن يحاكموك في صمت ولا يجدون لك من تهمة جاهزة غير أنك تثير الفتنة و تفتح الأعين و الأفواه  ..

لذلك ها أنا أعيدك حيث اخترت أن تمارس شغبك وتحرض  على الديمقراطية كعادتك، إلى أن تموت واقفا كالأشجار وأنت تحمل في  يدك المنظار الذي ألِفت أن تطل به عليهم جهارا نهارا.