حنين من ثلة الأوجاع

حنين من ثلة الأوجاع
شارك

د. سعيد ألعنزي تاشفين

✓ 1 ) حكاية جوع و شموخ ؛؛؛؛؛؛؛

    كنتُ أنا وأخواتي ننام جائعين أغلبَ أيام طفولتنا، كانتْ أمي تكذب علينا :  » قوموا بعدِّ النجوم كلّها وسيكون لدينا الخبز .. الكثير من الخبز « ، كنّا في كل مرةِ نتعب من العدّ وننام، هكذا بقيت رؤوسنا مرفوعة حتى ونحن نتضّور جوعاً .

    مات أخي وعيونهُ ثابتهٌ في السّماء؛ لقد أخبرتني أمي أنه أكمل العدّ .

     أعطونا الكثير من الخبز يومَ جنازتهِ، أكلنا حتى شبعنا ونِمنا، لكن أخي لم يعد أبداً إلى البيت، كنت أفتقده كل يوم لنلعب سويةَ.

     أمي أخبرِيهم أن يُرجعوا أخي وليأخذوا خبزهم، سأقوم أنا بالعدّ مكانه وليأخذوني أنا.

       لكنهم رفضوا ولم يعد أخي !! لم يعد !! و أنا لازلت أخطئ العد إلى اليوم :

واحد

إثنان

أخي

أربعة

أبكي وأنام  ..

** و ما يزال يعدّ النجوم للتحايل على الجوع، لكنه احتفظ على استقامة عموده الفِقري .

✓ 2 ) حكاية كذب وافتراء ؛؛؛؛؛؛

 تريّث :

 أتَتْكَ وشايةٌ عنّي .. تريّث قبل أنْ ترْمي. إذا لمْ تسْتمِعْ مِنّي، فما ذنبي؟! وما جُرْمي؟! فصارِحْني ولا تُصْغِ لمن يتكلّموا باسْمي. تعال إليّ واسْألْني ؛ فأنا المُتحدثُ الرّسْمي عنّي ..

** وما يزال المنحطّون يفترون ، لكنه يترفّع عن شتّى مناوشات القاع .

✓ 3 ) حكاية انهيار وتعفّف ؛؛؛؛؛؛

     لا تبكِ الآن، تمالك نفسك جيدًا، واصمُد أمامهم ما استطعت ، لا تجعل أحدًا يراك ضعيفًا، أعلمُ بكمِّ الخيبات التي واجهتَها ، وعدد الأيادي التي ما كُنتَ تتوقّع إفلاتها ، والصّدمات التي ظننتها ستمُر مرور الكرام خفيفة، لكن مازال في الروح باقيًا أثرها ..

     أعلمُ عن ابتسامتك المُزيّفة، وأنا بخير التي تكذب بها، وغدًا أجمل وأنت تخشى أن يأتِي غدَا.. أنا لا أنهاك عن البُكاء مُطلقًا، فالحجارة تبكي، والشّجر والدّواب يبكون، لكني أريدك قويًا عزيزًا بين الخلق، الذين لم يحسنوا في قلوبهم ضيافتك، أو بخِلوا بمكانٍ على الكفوف براحتك، الذين وهبتَهم كلّ ما تملك بلا تفكير، وهُم بكل السبُل منعوا عنك ما كنت تستحق، خابوا وخسروا، إن لم تكن أنت فمَن يستحق..؟!

     لا بأس .. ابك الآن إن كنت في غُرفتك وحدك، ودَعْ مَن أجرى الماء دموعًا بعينيك الطاهرتين يرى وحده، تلك همومك واللهُ لها، فواللهِ ما ضعُفت عيونٌ في رِحابهِ تبكي، إلاّ وبالعونِ والعِوض الجميلِ أمدَّها .. ابك الآن ما استطعت.. !

** و ما يزال مرابطًا يبكي متستّرَا، لكنه أصلب من كلّ محاولات الإيقاع . و لقد صدق أحمد عبد اللطيف حين قال: لا يزيد من عظمة القلب إلا البكاء في عزلة الله.

++ الصورة من وحي حقلنا الجميل جنب قصرنا القديم حيث التراب والتّبن وحيث محياي، بمعية إسماعيل أحدّو .

admin

Laisser un commentaire

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée. Les champs obligatoires sont indiqués avec *