حين جندت السنافر البلهاء، لم تسعفها العبارة (أو لما استنجد غريق بغريق)
عبد العزيز شبراط
حرضوا سنفورا لخربشة نص إنشائي، يبدو أنه كتب على طاولة خشب محفره وثلاثية الأرجل، وكانت تتأرجح كلما وقع عليها القلم المقطوع من الخلف، أو ربما كان في وضع على غير عادته، لهذا خرج هذا النص للوجود حاملا صفة المولود غير الشرعي.
حزب يبلغ من العمر 78 سنة، ذاق كل أنواع المعاناة، وضحى بأرواح العديد من الرفاق، ليظل حزبا قويا شامخا متمسكا بالمبادئ التي أسس من أجلها، واليوم في هذا الزمن الذي أصبح يعج بأشباه القادة السياسيين، والانتهازيين، يطل علينا رهط غير قادر على إدراك معنى النجاح، ولا يمتلك معايير هذا مفهوم النجاح، كيف استطاع اعتبار أن الحصول على 22 مقعدا برلمانيًا نجاحًا، بينما هو يعلم أنه لولا القاسم الانتخابي ولوائح النساء لما حصل ذلك!
صاحبنا هذا لن يطلع على الوثيقة السياسية التي تسمى » سنواصل الطريق » فاختلط عليه الأمر بين الماضي والحاضر والمستقبل، ما يتحدث عنه الرجل إياه كان في زمن على يعته رحمه الله ونحن اليوم في زمن مخالف ومختلف تماما، وعلى العديد من الواجهات، في ذاك الزمن لم يكن التواصل رقميا، كما لم يكن متاحا لأي كان أن يخربش خربشاته، ويوزعها على العموم كما هو الشأن اليوم، ولو كان هذا السنفور يدرك مفهوم النجاح اليوم، لما خربش خربشاته تلك، ولما انتزع منا بعضا من وقتنا الغالي لنرد عليه حتى ينغمس هو وقلمه في جيب من جيوب البيانات الضخمة، هذا السنفور عوض أن يتحدث سياسيا اختار أن يتحدث بمفهوم المال، وإذا كان هو قد اغتنى وأواه المضللون من جوع وآمنوه من خوف، فإن المناضلين الذين يقفون وراء وثيقة » سنواصل الطريق » قدموا الكثير لهذا الحزب ولم يخطر ببالهم يوما أن حزبهم سيجازيهم كما وقع للسنفور، ولم يكونوا جياع ولا خائفون، بل بالعكس من ذلك قوتهم وغيرتهم على الحزب، الذي يعتبرونه مدرستهم وعشهم يأويهم، ومجالا يمارسون فيه قناعاتهم التي بواسطتها يدافعون عن المستضعفين، هي التي جعلتهم يصدرون تلك الوثيقة، لإعادة الأمور إلى وضعها الطبيعي، حزب التقدم والاشتراكية ملك لكل المغاربة، ولا أحد كيفما كان حجمه أو وزنه بالكيلوغرام، له الحق في امتلاك هذا الحزب لوحده وتحويله لملكية خاصة، ولا أحد كيفما كان موقعه في هذا الحزب يستطيع أن يسمح لنفسه اتخاذ قرار طرد هذا أو تزكية ذلك، لحزب التقدم والاشتراكية كما كل الاحزاب الشيوعية الاشتراكية في العالم له ضوابط وقواعد تقرر وليس لأي كان خارج تلك القواعد اعتبار نفسه فوق الجميع ويتخذ القرارات بشكل انفرادي.
يبدو أن السنفور إياه يأكل ويشرب من عائدات هذا الحزب، وأدرك أن الحبل بدأ يخنقه فأطلق العنان لخرافات على وعسى يبقى محافظا على امتيازاته، نحن لا نأكل الخبز من الحزب، بل في أوقات سابقة ساهمنا بأموالنا اقتطعناها من قوت أبنائنا لنساهم في بناء هذا الحزب الذي نعتبره مدرستنا، ولن نتخلى عنه وسنقف بالمرصاد لكل الانتهازيين الذين يسعون لجعله ملكية خاصة للانتفاع الذاتي.
ما النجاح الذي يتحدث عنه هذا؟ ألا يذكر السنفور كيف كان الامين العام يلتصق بالحزب الذي قاد الحكومة لعشر سنوات عجاف، هذ الحزب الذي قهر طيلة هذه السنوات الفئات المستضعفة، وكان حزب الطبقة العاملة، شاهدا على ذلك ولم يحرك ساكنا، بل ظل يدافع عن الحزب إياه إلى أن لفظه في أخر العشرية، حيث اختبأ الأمين العام خلف الجدران يجر الخيبة ورائه،
يظن السنفور، أن التحاليل السياسية، تبنى على النصوص الإنشائية في غياب الأدلة والدلائل، بينما الواقع مختلف تماما على كل ذلك، فالواقع لا يعلى عليه، والدلائل والأدلة كلها تفيد أن الحزب لم يعد كما كان سابقا، وأصبح اليوم حزبا انتخابيا يطمح للمقاعد الحكومية من أجل الاغتناء اللامشروع.
لم يستطع السنفور أن يفرق بين الديمقراطية وبين الولاء لولي نعمته، ولو ركز قليلا لاستفاد من حزب العدالة والتنمية والذي يرفض الديمقراطية مبدئيا، ولكنه رغم كل ذلك، أثبت لكل الاحزاب أن القواعد الديمقراطية شائعة بين منخرطيه، وهكذا بمجرد هزيمته في الانتخابات، تحملت أمانته العامة مسؤوليتها وأعلنت على استقالتها فور ظهور النتائج؟
هل يستطيع الامين العام لحزب التقدم والاشتراكية ومعه الديوان السياسي، الاقدام على مثل هذه الخطوة؟ والدعوة للمؤتمر من أجل تجديد القيادة؟ فوثيقة » سنواصل الطريق » لا تدعو الى انقلاب أو طرد الامين العام ولكنها تدعو كل الرفاق النزهاء والشرفاء للوقوف وقفة تأمل لإعادة كل الأمور التي زاغت عن مسارها الاصلي،
فبما أن السنفور أشار إلى أن الوثيقة طغى عليها النقل والاستنساخ، كان عليه أن يمدنا ولو بحجة واحدة من الاصل الذي تم استنساخ الوثيقة منه، وفي غياب ذلك فإن السنفور وكما أشرنا في بداية هذه السطور أنه حاول كتابة خربشة إنشًائية عوض نص سياسي علمي.
وإذا عاد صاحبنا لنص إنشائي آخر في هذا الموضوع، سنعود لنكشف تراهاته وتملقه بالحجة والبرهان.