المغرب والجزائر……المضخة والتفريغ
حكيم العسبي
الجزائر الحالية وليدة مؤسستين بطعم الانقلاب، الحكومة المؤقتة ومؤتمر طرابلس بليبيا سنة 1962…كانت قرارات مؤتمر طرابلس هو القفز عن الشرعية الثورية للحكومة المؤقتة والتي يرأسها فرحات عباس وبروز النخبة العسكرية …فرحات عباس الذي كان وظل إلى يوم مماته يؤكد عدم وجود شيء اسمه الجزائر أو دولة الجزائر….وأن فرنسا هي من خلقت دولة الجزائر بمفهومها الوطني نتيجة إغفالها الجانب الاجتماعي لشعب الجزائر في ترقيهم واندماجهم داخل الدولة الفرنسية..
هناك يكمن الفرق العظيم بين المغرب بعمق تقاليد حكمه وبسط نفوذه الجغرافي وبين غياب الدولة الجزائرية بالمفهوم القانوني…
ضبابية الهوية عند الجزائر منذ البدء …هل هي فرنسية أم أمازيغية، هل هي عربية بالمعنى القومي الناصري والبعثي، هل هي دولة إسلامية أم اللائكية كما كانت زمن الاستعمار…هذا التيه مكلف وممزق لسلطة.
لهذا النظام الجزائري في تعامله مع المغرب ينطلق من سياسة المضخة…بمعنى مزاحمة المغرب في كل مكوناته الثقافية والتاريخية والشرعية الوطنية، هذه المزاحمة ممكن ان تكون على طبق الكسكس….الإزاحة التي تحاول الجزائر ان تتعامل فيها مع المغرب، يراها الممسكين بالسلطة مسار لتأسيس الهوية والوجود لدولة الجزائرية التي لم تتأكد بعد بين طبقات المجتمع(حالة القبايل)..
الحتمية لا تكفي نفسها بنفسها، بمعنى ان استقلال الجزائر لم يكن عامل كافي للمرور إلى حتمية قيام الدولة…بل كانت بوادر الانفصال جاهزة ومقنعة حتى لأولئك الثوار الذين قادوا الثورة..
المغرب قد يعاني من حيف اجتماعي لكن لا يعاني من أزمة حكم، وهو متصلح مع عمقه التاريخي…مطمئن لهويته الإسلامية واليهودية….
عودًا على بدأ….الجزائر عندما تلامس ذاتها الغريبة عنها، فتعاملها مع المغرب يكون بمنطق المضخة تأخذ منه كل ما يؤسس ويخدم مفهوم الدولة الوطنية ….لكن عندما تكون في ورطة اجتماعية من هزات عنيفة لحد الحرب الاهلية(العشرية السوداء)…فإن المغرب يصير الارض التي تفرغ فيها كل إخفاقاتها وانكساراتها وأعطاب الحكم لديها.
هزيمة 1967 أو ما يصطلح عليه بالنكسة….كانت له نتيجتين حتميتين لحد الآن…هو اكتمال ميلاد الدولة الوطنية لدى إسرائيل حتى المشككين من اليهود…ونهاية النظام العسكري الفردي في بناء الدولة المدنية.
لهذا وبناء على ما سبق…الحرب ليست مطلب مغربي……لكن الردع المغربي هو حق وشرط لكي يتمكن المجتمع المدني الجزائري من استعادة نبضه أمام جماعة العسكر الجزائري.