سجايا همس وشوق ..
د. سعيد ألعنزي تاشفين
وفي ذات ليل سألقي على حواسي ذات الحلم الزٌّلال الطهور، و أمارس المونولوغ معي بباحة المدى بصوتي نشيدا للشهداء المارين على جنبات الظمأ السحيق، وسأهتف للطيبين المغتربين بين تفاصيل العمر، وسأبعث ألف شذرة لموتاي أرمم بها الرحم، وأنهش مضجع الأوزار ببرزخ الصمت، وسأركض نحو ناحية الهمس العميق أحدِّث نفسي وأومض بالتوسلات الدُّجى ويبتسم لحزني الله وأناجيه بلا وضمات سوى من ٱهات الأنين، وأرتب الأحداق في جٌب الأراجيف البالية الباردة، وأعدٌّ قدحي من أتايٍ تحت عتبة الديار المٌرجفات تحت وقع الأطلال، وفي ذات حٌزني سأقضم اللون الأحمر والأخضر، وأنام بعيدا بعيدا من دفء الوطن، وأتوسّد الريح مغتربا منه كوهج القادمين من المرايا حيث الذاكرة ممزّقة من جنبات الرّحيل، وانشراحات البيوت القديمة ببهو القصر العتيق تحادثني، وحبّات مطر يتيم تغازلني بجوف الليل عند مٌنتهى الدّرب الكبير تحت شجر التين المبلّل بالذكريات على خصر الساقية الممتدة ناحية المزارعين حيث كل شيء يوحي بالشوق، وكٱبة الطين بمٌقلتي الأسوار الهرمة على مقرٌبة من ساحة الدّمع المٌنسكب كالتيجان العظيم. وأنادم النخل باسقاتٍ وهي تقود رَكب النساء يذهبن تباعَا لاختلاس نهمٍ متوطدٍ من همس الحقول، وشجر الذاكرة المحنّطة في جراح البارحة يبني ذات احتمالٍ مجد الأجداد والعصافير ونشيد الشيوخ بعد أتاي العصر العفيف المتعفّف من كل شيء سوى من حكايا الرفاق الذين غادروا نحو الوجهة الأخرى من الوجود عبر المعبر الذي كان يسمى » أساكا » نحو سدرة الجبل المخيف. وذات ليلٍ يجيء كئيبا بنكهة المقابر سأمتشق الشوق وألعن بصخبٍ أسئلتي العاثرة و نبضات القلب، وأغني المواويل الوسيمة على شرف الحنين بساحة الريح الذي يداعبني، وأنا مجرد ما بقي مني أتحرش بالليل وألامس مقلتيه؛ فنبكي معا، ونضحك ونروي ألف حكاية من تاريخ الدمع، ثم ننام ..