تحالف دولة جاحدة و دولة ناكرة
عبد العزيز شبراط
كيف لدولة تعتبر نفسها مدافعة عن حركات التحرر في العالم، ومساندة للشعوب المقهورة والمظلومة، وتمارس التزوير وتتحدث بمنطق لم يعد، أن تقنع شعبها أنها تدافع عنه؟
كيف لدولة تنتهج التزوير في ممارساتها مع دولة أخرى، وتنتظر من شعبها ومن الدول الأخرى أن تحترمها وتثق فيها وتربط معها علاقات؟
كيف لدولة يقودها شخص لا يفرق بين التاريخ ولا الجغرافية، ويتحدث عن الثورة والثوار، وهو الذي حاول أن يهرب مطلوب للعدالة بطائرة يقودها الجيش؟
كيف لدولة تتعامل مع الجيران بمنطق الصبيان، وتنتظر من شعبها أن يؤازرها ويدعمها؟ لن يحدث هذا أبدًا، إن الشعوب لم تعد كما كانت من قبل، فالتطورات التي يعرفها العالم اليوم، بفضل التكنولوجيا الحديثة جعلت كل الناس يعرفون ما يحدث هنا وهناك، ولم تعد الفرصة مواتية للحكام أن يخفوا المعلومات عن شعبهم ليفعلوا ما يرغبون فيه و في حقهم.
يعتقد الرئيس تبون أن خرجاته الأخيرة تجعل منه رئيسا ثوريا، بينما ينظر إليه شعبه والعالم مجرد دمية تحركها عقليات تجاوزها التاريخ، ولم تعد تساير التطورات التي تتغير بسرعة يصعب على تبون هذا أن يفهمها ومن ثم يسايرها.
ما من أحد في هذا العالم يحبذ حكم العسكر، بالأمس القريب فقط كانت الدولة الجاحدة يحكمها العسكر، وطبيعي جدا أن تتحالف مع دولة ما زال يقودها العسكر، ولو بالتزوير، كيف لدولة هي عضو في تكتل يحترم حقوق الانسان، تتنكر لهذه الحقوق وتسمح لمجرم أن يدخل أراضيها، بوثائق مزورة وتمنحه العلاج ثم تفبرك مسرحية امتثاله أمام المحكمة عبر تقنية الفيديو وتمنحه فرصة مغادرة البلاد بهوية أخرى ليست نفسها التي دخل بها البلاد؟ كيف تستطيع هذه الدولة إقناع منظماتها الحقوقية أنه تحترم حقوق الإنسان وهي تستقبل مجرم حرب و تقدم له العون والتطبيب؟
ما موقف التكتل الذي تنتمي اليه هذه الدولة الجامدة مع جارها المغرب؟ وهو التكتل، الذي يظل صباح مساء يتحدث عن حقوق الانسان، ويعطي الدروس في هذا الشأن لدول مغلوبة عن أمرها، ويستأسد عليها بحجة احترام حقوق الانسان والديمقراطية؟
كثيرة هي العيوب التي عرت عليها جائحة كورونا وفضحتها، وما كان للمدعو ابراهيم غالي أن ينكشف أمره أمام العالم لولا هذه الجائحة؟ حيث بعد وصوله مباشرة إلى إحدى مستشفيات الدولة الناكرة للجميل والخير والدعم المقدم لها من المغرب، حتى زاره تبون بمعية خلية عسكرية من الجنرالات، وعوض الالتزام ببروتوكول زيارة مريض، حاول تبون بعث رسائل مغشوشة لعالم لم يعد حيث تحدث عن الثورة، وعن أمور أخرى تجاوزها التاريخ ولم تعد كما كان المريض يتحدث بنبرة العبد المأمور، يتحدث برعب ويجيب سيده كما أراد، تبا لهذه الدنيا التي غاب فيها المنطق الجدلي وساد فيها منطق المصالح الذاتية على حساب الشعوب المغلوبة على أمرها بقوة النار والحديد، هذا الرئيس الذي يتحدث عن الثورة، لم يقبله الشعب الجزائري وظل يرفضه ويعتبره مفروضا عليه وما زال الى اليوم.
ما موقف الدولة الجاحدة، أمام شعبها الذي يعتبر نفسه تجاوز الحكم الديكتاتوري للعسكر، وأصبحت بلاده دولة مدنية ديمقراطية؟
ما كان لإسبانيا أن تقع في هذا الخطأ القاتل، وما كان لها أن تضحي بوضعها الاعتباري من أجل إرضاء دولة أصبحت معزولة ولم يعد لها حضور بين الدول المحترمة.
تبون سعيا منه لتنوير وجهه وتنوير بيدقه، اتجه الى الوسط اليميني الفرنسي، ومنحه حوارا ظهر فيه مرتبكا و لا يعرف ما يقدم ولا ما يؤخر، وقال بشأن المغرب: لن نهاجم جيراننا أبدًا، رغم أن المغرب كان دائما هو المعتدي الأول.
لا يمكن فتح الحدود مع المغرب، وهو يهاجم الجزائر بشكل يومي.
وحول قضية الصحراء المغربية قال :
– شباب الصحراء يرفضون هذا الوضع ويريدون استعادة أراضيهم.
– الصحراء لن تكون سببا في حرب بين الجزائر والمغرب.
- اعتراف ترامب لا يعني أي شيء، فجميع قرارات مجلس الأمن المتعلقة بالصحراء مقدمة من الولايات المتحدة. هو ربما لا زال لم يعرف بعد أن ترامب أصبح من التاريخ ولم يعد، والرئيس الحالي للولايات المتحدة الأمريكية هو بايدن. وأن القرار باعتراف مغربية الصحراء هو قرار دولة الولايات الأمريكية المتحدة، وليس قرار شخص ترامب. قال أيضا :” الجيش كان المؤسسة الوحيدة التي بقيت واقفة بعد الحراك المبارك، لم يستولِ على السلطة ولن يفعل ذلك، لأنها مؤسسة تحترم القانون”. من يصدق هذه التفاهة التي فاه بها تبون؟ من في بلاد العرب والعجم لا يعرف أن الحكم في الجزائر هو بالأساس عسكريا؟