نشر أفكار الكراهية أمر مرفوض

نشر أفكار الكراهية أمر مرفوض
شارك

فؤاد الجعيدي

رسالة مفتوحة إلى السيدة رحاب حنان العضوة القيادية:

ما كان للسيدة حنان رحاب، أن تخرج عبر جدار صفحتها على الفايس بوك، تلك الخرجة التي صنعت لها موضوعا، لم يكن من باب الأوليات، في لقاء احتضنه المقر المركزي للاتحاد المغربي للشغل،  يوم 9 أبريل  2022بمناسبة توقيع اتفاقية شراكة، بين النقابة الوطنية للصحافة ومهن الإعلام، والمؤسسة المغربية للشباب المبادرة والتنمية، مجيد ..والتي حضرها الأمين العام للاتحاد المغربي للشغل السيد الميلودي المخاريق إلى جانب أعضاء الفريق بالغرفة الثانية ونواب آخرين من المؤسسة البرلمانية.

وهذه الاتفاقية أتت في سياق تنامي الوعي الاجتماعي، لما للهشاشة الاجتماعية من تداعيات سلبية على قدرات الناس، وما يترتب عنها من إقصاء للمشاركة في الحياة الاجتماعية.

طيب لنكن واضحين، السيدة حنان رحاب مسؤولة سياسية في حزب اختار ولظروف سياسية معينة، في سنوات الجمر والرصاص، أن يقدم نفسه للمغاربة، القائد لكل النضالات الشعبية من منطلقات الهيمنة، وأن باقي القوى السياسية والنقابية عليها تبني مواقفه من عمليات الصراع الجارية آنذاك، وعمل على تأليب الوعي الجمعي للمغاربة، ضد كل من لا يرى نفس التقدير السياسي لهذا الحزب الذي يمثل تطلعات البرجوازية الصغرى ببلادنا، وحشد لهذه المعارك الإيديولوجية تنظيمات موازية في صفوف المثقفين والحرفيين والشباب كما عمل على إنشاء نقابة تعمل بالتنسيق الضيق مع الحزب..

وإدراكا لمصالحه ورغبته في الوصول إلى السلطة، روج فيها لبعض العداء والكراهية، وبالأخص للطبقة العاملة وتنظيمها النقابي المتمثل في الاتحاد المغربي للشغل وتنظيمها السياسي المتمثل في حزب التقدم والاشتراكية ولا يتسع المجال لإعطاء الأمثلة والشواهد من أحداث تاريخنا المعاصر.

لكن بعد نضج ظروفنا الوطنية، نلمس أن مواقف تقسيم الطبقة العاملة ولأسباب سياسية لم يكن قرارا حكيما، من حيث أنه أضعف شوكة العمال وأثر سلبا على موازين القوى، بل جاء الاعتراف من الراحل نوبير الأموي يوم أن طرحت مسألة العودة إلى النقابة الأم، وظهرت مؤشرات إيجابية في تنسيق المواقف النضالية للطبقة العاملة المغربية ومسيرتها الضخمة التي عرفتها الدار البيضاء احتجاجا على قرارا الحكومة ، لكن للأسف لم يكتمل، هذا الحلم الوحدوي والذي ظل أملا قائما في مشهدنا الاجتماعي.

لنكن واضحين أكثر الاتحاد المغربي للشغل هو من انتزع تاريخا، حق التنظيم النقابي للعمال في إطار منظمة وحدوية مستقلة جماهيرية وتقدمية، وظل يحتضن المشارب السياسية من اليمين إلى اليسار.. وداخل هذه المدرسة تطورت الثقافة العمالية والتي أنتجت وفي وقت مبكر تراثا فكريا إنسانيا في التضامن والحماية الاجتماعية من خلال تجربة الضمان الاجتماعي كأولى التجارب الرائد في العالم العربي والإفريقي..

قد نختلف سياسيا في تقدير طبيعة الظروف والمواقف، انطلاقا من القناعات السياسية التي نكونها والقوى السياسية التي نمتلها والمشروع الذي نتبناه وندافع عنه، من مواقع اجتماعية محددة، لكن الأجراء في دفاعهم عن شروط وظروف العمل، ونضالاتهم اليوم لا توجد بينهم تناقضات، ليشكلوا خصوما لبعضهم البعض وبالتالي يخلقون تعددية نقابية مزيفة، وكلما تقوت وحدتهم كانوا قوة ضاغطة وضاربة من أجل انتزاع المكاسب وصيانة الحقوق.

لكن ما الذي وقع اليوم في الجسم الإعلامي منذ ليلة 9 أبريل ؟ ومن الذي يتحمل المسؤولية في المنزلق الذي ترتبت عنه تداعيات سيئة؟

آسف وأقول ما كان للسيدة حنان رحاب، أن تذهب لهذا التجييش وأن تستخدم هاتفها لحشد الدعم وبمغالطات في صفوف بعض الإعلاميين الموالين لها، للحديث عن الكرامة بأسلوب شعبوي، ولم يكن من باب الحكمة أن تتجرأ على الأمين العام للاتحاد المغربي للشغل، وعلى أعضاء الفريق النيابي لهذا الاتحاد الذي انتزع صدارة المشهد النقابي في الانتخابات الأخيرة، ولم يكن من باب اللباقة أن تتحدث بأسلوب يفتقد للياقة في مخاطبة بعض ممثلي الأمة في مجلس النواب.

قد يكون لها رأي في اتفاقية الشراكة وهو أمر طبيعي لكن، أن تلتقط من اللقاء ما يخدم الروح العدوانية لبث الفتنة في صفوف الوسط الإعلامي، لم يكن بالأمر المقبول.

خلال اتفاقية الشراكة التي ترأسها المناضل الأمين العام للاتحاد المغربي للشغل، تحدث طويلا عن الأوضاع التي تجتازها الطبقة العاملة، وعموم الأجراء والصحافيون والصحافيات جزء لا يتجزأ منهم، وتحدث عن أوضاعهم الهشة داخل المقاولات الإعلامية وأن الاتفاقية الجماعية في هذا القطاع تحتاج إلى نضال  وطني من أجل تحسين شروط وظروف عمل العاملين بمهن الإعلام والصحافة، وطالب من الفريق النيابي بالتنسيق مع النقابة الوطنية للصحافة ومهن الإعلام بتقديم سؤال شفوي للحكومة عن واقع الهشاشة الاجتماعية التي يعاني منها القطاع.

بل أحد النواب البرلمانيين عبر عن استعداده للانخراط في هذا المسار لرفع الحيف الاجتماعي الذي يعاني منه قطاع الإعلام.

هذه هي المعركة الحقيقية والتي تهم القطاع في هذا الظرف بالذات.

لكن السيدة  رحاب حنان، كان لها خيار غير هذا، حيث فضلت أن تثير زوبعة في فنجان بالحديث عن « قفة » وجعلها الشماعة التي علقت عليها كل حقد غير مستساغ ضد حركة نقابية أصيلة وعريقة في النضال والكفاح الوطني ومستقلة عن الأحزاب والإدارة.

ولم يقف الأمر عند هذا الحد بل ادعت وروجت أن الاتحاد بات يوزع « القفف ».

ولعمري إنها لكارثة بكل المقاييس، وكانت لها امتدادات في صفوف بعض الأقلام التي تحول لديها التناقض المجتمعي الرئيسي مع نقابات الاتحاد المغربي للشغل ورموزه الوطنية.

كنا نعتقد أن زمن التأليب قد ولى إلى غير رجعة، منذ أن وصل الإخوان في الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية لإدارة الشأن العمومي، لكن وللأسف عادت الهيمنة القديمة للظهور وتغذية الأحقاد بين الرفاق والإخوة.. لكن السؤال الذي يظل يؤرق كل ديمقراطي وكل يساري، هل بهذا التنابز الأعمى سنحقق الأفضل؟ وسنعمل على تطوير العلاقات الاجتماعية بين الفرقاء، والتي تبنى في أصلها على الاحترام المتبادل للقناعات، وعدم السقوط في شراك الدغمائية، وقد رأينا كيف كان موقف مؤسسة مجيد والتي وجب الإقرار لها في كل أدائها الاجتماعي، أنها لا تحترفه بالمناسبات بل انطلاقا من التصدي للهشاشة ومواجهة العوامل المنتجة للفقر والعمل في الجبهات الاجتماعية والثقافية والرياضية والمشاريع المنتجة للدخل والاستقرار الاجتماعي للأفراد والجماعات المعوزة وتمكينهم من الحق في التكوين ودعمهم بالمنح…

كان من الواجب في هذا السياق أن نعمل جميعا، من أجل تمهيد المقدمات للمساهمة في بناء الدولة الاجتماعية، التي غدت خطابا رسميا وأن الشركاء الاجتماعيين والعاملين في جبهات العمل الجمعوي، هم المؤهلين للدفع بالنقاشات العمومية لإدراك هذه المقاصد والغايات وليس الاصطفاف في جبهات الرفض المجاني وإثارة المناوشات الجانبية.

على من أشعل الفتنة، أن يكون شجاعا وأن يقدم النقد الذاتي على هذا المنزلق الذي أتث به مواقع التواصل الاجتماعي للحروب القبلية التي لا تبقي ولا تذر.

المجتمع المغربي في منعطف الطرق، جاحد أو أعمى من ينكر الفقر في بلادنا والذي يمس قرابة 4.5 مليون مواطن في المدن والمداشر، وأن جائحة كوفيد خلفت آلاف العاطلين وخلفت أسرا باعت أمتعتها من أجل لقمة عيش.

ولم يكن الأمر مجانيا حين أعطى صاحب الجلالة انطلاقة الحملة الوطنية للتضامن، مع المحتاجين ومساندتهم وهي رسالة قوية للنسيج الجمعوي الحيوي أن يتشبث بقيم من تراثنا الوطني في التضامن الاجتماعي مع البشر الذين سدت في ,وجوههم منافذ كسب القوت اليومي.

هناك مهن ضربت بقوة، في عز أزمة كوفيد 19 هناك  فرق موسيقية باعت معداتها ومتعهدي حفلات بمقاولات صغيرة باعوا معدات عملهم من أجل محاربة الجوع في بيوتهم لكن بشرف يعيشون وعلى الأمل يتنظرون.

ارتفاع الطاقة أدخلت الأزمة لكل البيوت، في ظل استقرار الأجور، والقدرة الشرائية حتى للفئات المتوسطة باتت أمرا لا يطاق مع الزيادات في أسعار السلع والخدمات والمواد الغذائية. وهذا ما نبه إليه الأمين العام السيد الميلودي الموخاريق أثناء لقائه مع السيد رئيس الحكومة، وعبر في كل اللقاءات على استنكاره لهذه الأوضاع والتي ظلت الحكومة معها تبدع حلولا على حساب الفئات المتضررة من الجماهير.

من خرج بالنقاش عن سياقاته الحقيقة، ومن لم ير الأزمة الخانقة برؤية متبصرة، عليه الآن أن يتحمل وحده المسؤولية، وعليه أكثر من هذا العودة إلى جادة الصواب.. وعليه أن يقدم اعتذار كما يفعل كل المناضلون الحقيقيون والذين يضعون المصالح العليا فوق كل الاعتبارات الأنانية الضيقة، لاحتلال مساحة لا يرون ضيقها في مشهدنا الاجتماعي، الذي يعيش على انتظارات قوية لا تقبل المساومة ولا الإجهاض.

admin

Laisser un commentaire

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée. Les champs obligatoires sont indiqués avec *