قيس سعيد: رئيس بمسحة ديكتاتورية.
عبدالرحمن الصبار، فاعل مدني
ما معنى السيادة الوطنية؟ وهل ممارسة السيادة الوطنية لا حد لها حتى لو اقتضى الامر المس بمصالح الغير؟ كيف يستقيم الحديث عن السيادة في ظل الاعتداء على سيادة الأغيار، والتدخل السافر في شؤونهم الداخلية؟ إن الاستقبال الذي خص به الرئيس التونسي قيس سعيد قائد جماعة انفصالية مسلحة تريد فرض رأيها على المغاربة باستعمال العنف المسلح لا مبرر له وفق مفاهيم وحدود السيادة التي يحرص المغرب على احترام أسسها كمبدأ راسخ في علاقاته الدولية، ويعد هذا الحدث في حد ذاته أيضا سابقة خطيرة في تاريخ العلاقات الراسخة، والمتميزة التي ظلت تجمع دوما بين البلدين والشعبين الشقيقين التونسي والمغربي، ويقوض دور تونس الخضراء كما عهده المغاربة دوما منهلا لا ينضب من قيم المحبة والسلام والتسامح. مما لاشك فيه أن نظام الحكم في تونس يعاني منذ مدة من أزمة هيكلية ترخي بظلالها القاتمة على المسار الديمقراطي برمته، مما جعله يعاني من نقائص متعددة تمثلت في تعذر إفراز نظام رئاسي ديمقراطي حقيقي كما نتابع ذلك اليوم، بحيث يمكن القول أن أسوأ رئيس يصل إلى سدة الحكم بتونس في العصر الحديث هو الرئيس الحالي قيس سعيد، ويتضح ذلك من خلال مسحته الديكتاتورية، بإمعانه في تطويع دستور البلاد والقوانين الجاري بها العمل بغاية جعلها على المقاس، وتوفير الضمانات الملائمة لتوطيد مكانته، وتعبيد الطرق أمام استفراده بالقرار السياسي على الصعيدين الوطني والدولي. وتجدر الإشارة في هذا السياق إلى العوامل الأساسية التي ساهمت تدريجيا في خلق الشروط الكفيلة بتنفيذ مشروعه السياسي المثير للجدل، ومنها الأزمة الاقتصادية والاجتماعية، ثم الأزمة السياسية وعلاقتها بمآل الحراكات الاجتماعية، أو ما اصطلح عليه « الربيع العربي » بشمال إفريقيا والشرق الأوسط…ومن هذا المنطلق يمكن فهم واستيعاب التخبط الدبلوماسي على الصعيد الإقليمي، والذي توج بما حصل أثناء انعقاد قمة تيكاد من انزلاقات تشي باصطفاف تونس كسابقة في تاريخ علاقاتها الدولية إلى جانب الدول الفاشلة، والتنظيمات اللاديمقراطية، والداعمة للحركات الانفصالية من جانب واحد، والتي تؤمن بالعنف في تحقيق أهدافها، وباستعمال السلاح، بدل الاعتماد على الأساليب المتحضرة وعلى رأسها الحوار من أجل التوصل إلى حل في إطار تقرير المصير من منظور واقعي، وقابل للتطبيق عن طريق العرض الجدي المقترح من طرف المغرب، والذي حظي بتأييد من داخل مجلس الامن الدولي، ومن لدن العديد من الدول الوازنة بمختلف القارات. أما مبدأ تقرير المصير كما يراه دعاة الانفصال وكل من يسقط في وهمهم فإنه ينتمي إلى أطروحة بائدة ظلت لعقود تقرع طبول الحرب، وتهدد أمن واستقرار المنطقة، بصفة خاصة، والأمن الدولي بوجه عام. وحرصا على الحفاظ على كل هذه المقومات والمبادئ يظل احترام الوحدة الترابية المغربية وحده الكفيل بضمان الأمن والاستقرار، وخلق سبل الرفاهية والازدهار لبلدان وشعوب المنطقة، وبعث دينامية واعدة خدمة للمصالح المشتركة، والمتبادلة بين مختلف البلدان والمجتمعات الدولية.