مخاطر الاحتضان الرسمي للتفاهة
فؤاد الجعيدي
لم تعد التفاهة تجد لها مستقرا وترويجا فقط عبر وسائط التواصل الاجتماعي، بل لأول مرة يسجل أن ليالي الرباط المنظمة تحت إشراف وزارة الثقافة احتضنت أحد المغنيين، من موجة الراب الذي استغل المناسبة للترويج العلني للمخدرات وسط جمهور الشباب اليافع.. وتولى الإعلام تحليل تداعيات هذا التسفيه للقيم.
إن المضامين التي بثها المغني تفتقد كليا لأي قاعدة أخلاقية تستهدف التأثير الإيجابي في سلوكات الشباب بل الإسهام المباشر في كل مسارات الانحراف العلني.
لقد ظلت الأغنية المغربية ومضامينها إلى عهد قريب تحت الرقابة الفنية للجان تفحص محتوى الكلمات، ومدى ارتباطها بالرقي بالذوق العام للجمهور، على المستوى الحسي والجمالي وتهذيب النفوس وتنمية الحس الوطني للانتماء لهذه التربة، عبر العديد من المبدعين المغاربة الذين امتد تأثيرهم للوطن العربي.
لكن اليوم ندخل مرحلة التسويق العلني للرداءة، وهو الوضع الذي يستدعي وبدون تردد التصدي له ولهذا الترويج السمج لكل ما يشتغل عليه من تدمير للقيم الايجابية ويستبدلها بلغة ساقطة..
وعلينا اليوم ومن كل المواقع أن نعيد طرح السؤال عن أي ثقافة وفنون نريد؟ هل تلك التي تبني الذوق العام على أسس من تأثير فيما يساهم بالحفاظ على الهوية الحضارية أم الانزلاق إلى تبضيع وتضبيع هذا الذوق..؟
لازالت نقاشاتنا محتشمة في وضعنا، لإعادة توجيه الوعي المجتمعي نحو المساهمة في تثمين الخلق والإبداع، وبناء الإنسان المتفاعل مع شروط عصره والمشارك في تطلعات المجتمع نحو تعزيز القيم الايجابية..
ومن بين المداخل الأساسية أن تسترد المدرسة وظائفها في مناهضة كل ما من شأنه تدمير نفوس الناشئة وأيضا رسم استراتيجيات ثقافية وفينة تسعى الارتقاء بالأذواق في صناعتنا التلفزيونية والسينمائية وتطوير نماذج الأبطال الذين يعملون على تغيير محيطهم.