التعليم العالي يجب ان يكون قاطرة حقيقية و فعلية للتنمية

التعليم العالي يجب ان يكون قاطرة حقيقية و فعلية للتنمية
شارك

الأستاذ محمد الدرويش

رئيس المرصد الوطني لمنظومة التربية و التكوين

اطلعنا على نتائج التصنيف الدولي للجامعات 2023، و الذي احتلت فيه مجموعة من الجامعات المغربية مراتب متقدمة عن مواقعها في التصنيفات السابقة.

وتصنيف هاته السنة تبارت فيه مجموعة من الدول فاق عددها المائة من افريقيا واوروبا وامريكا وآسيًا ممثلة بما يقارب 25000 جامعة ، وهو ما جعل المغرب يحتل المرتبة الرابعة افريقيا وعربيا؛  وتصنيف تايمز هذا يستند في أحكامه و تقييمه على واقع الجامعات المتبارية في مجالات البحث العلمي و الابتكار والتعليم …

ونجدد التذكير في هذا المقام   بأن مؤسسات التصنيف الدولي للجامعات تعتمد معايير متعددة يمكن تلخيصها في النقط التالية :

جودة  التعليم وجودة هيئة التدريس ، وذلك من خلال تقييم المردودية على المستويين الداخلي والخارجي ، وتكون عبر تقييمات الطلبة والشعب ، واعتماد اللغة الإنجليزية في نتائج البحث ،  فاللغة المنتشرة دوليا هي الإنجليزية ثم الصينية من حيث العددُ ، والإسبانية تنشط أكثر في مجال حركات الترجمة  والنشر في المجلات الدولية المحكمة ، وهي معلومة لدى كل معاهد التصنيف الدولي، بالإضافة إلى معيار أعداد الطلبة والأساتذة وحجم الجامعات والمؤسسات البحثية،  وهكذا افضى تصنيف  تايمز الصادر هذا الأسبوع إلى إحراز 7 جامعة مغربية على مراتب متقدمة ضمن أحسن 1500 جامعة  ، وهي جامعة ابن طفيل والقاضي عياض وسيدي محمد بن عبدالله وعبد المالك السعدي والحسن الثاني ومحمد الخامس وابي شعيب الدكالي ، وهي مناسبة نقدم تهانينا الخالصة والصادقة للأساتذة الباحثين  والطلاب بها وللقائمين على شؤونها .

فكما سجلنا خلال الاشهر الماضية بكل أسف غياب الجامعات المغربية عن 1000  أفضل الجامعات من خلال تصنيف شنغهاي لأفضل الجامعات حول العالم لسنة 2022 ، ونفس الأمر ينطبق على  نتائج  التصنيفات التي تصدر عن مؤسسات ومعاهد اما اوروبية  او عربية او افريقية  .

صحيح ان ترتيب تايمز هذا يجعلنا نسجل بإيجاب المجهودات الفردية والجماعية من خلال المختبرات والجمعيات العالمة والتي يديرها أساتذة باحثون مختصون في مجالات اشتغالهم ومهووسون بالبحث العلمي والابتكار وساهرون على جودة التعليم والتأطير الجيد والمسؤول لطلابهم ويوثرون الحياة العلمية على حياتهم الشخصية كل هؤلاء نجدهم مسنودون من طرف بعض الرؤساء والعمداء والمدراء وهذا لعمري ما يجعل بعض الجامعات تتقدم في الترتيب وفي المقابل هناك  البعض الآخر من المسؤولين رؤساء وعمداء ومدراء لا علاقة لهم لا بالجامعة ولا بالمؤسسات ولا بمجالات البحث العلمي والابتكار فتجدهم تحولوا الى بنائين ومهندسي الداخل والخارج وعارفين بنوع التجهيزات والمأكولات وغير ذلك وهم بذلك يسيئون للمهنة وللجسم الجامعي وللجامعة والوطن . مع كل أسف قد يكونوا قلة لكنهم تحملوا ويتحملون مسؤولية التدبير اليوم ، فماذا ننتظر من مثل هؤلاء ؟ وهي أوضاع تسائل القائمين على تدبير القطاع بكامله ، وتسائل من كان وراء تعيين مثل هؤلاء في مواقع حساسة من المسؤولية ، فالتعليم العالي يجب ان يكون قاطرة حقيقية و فعلية للتنمية بكل انواعها و مستوياتها،  وهو ليس ترفا بل انه المشتل الحقيقي لتكوين النخب و تأطير الطلاب و تفجير قدرات الإبداع لديهم و التفكير و أسس النظر و إعادة النظر بالعقل و المنطق .

فأين نحن من كل هذا في أغلب جامعاتنا و مؤسساتنا ؟

لابد من الإشارة هنا الى ان تقدم جامعاتنا في التصنيفات الدولية ممكن جدا بفضل طاقات و امكانات الاساتذة الباحثين و الطلاب المغاربة و الذين يشتغلون في ظروف احيانا تكون قاسية فالمساطر المالية معقدة و مجموعة كبيرة من المختبرات غير مجهزة و التعامل الاداري الضيق مع الاستاذ الباحث غير مجدي و غير مشجع و كذلك اعتماد المغرب لعقود من الزمن على اللغة الفرنسية في كل المستويات جعلنا اليوم من ضحاياها في زمن تعد اللغة الانجليزية لغة العلم و بعدها الاسبانية نظرا لتقدم حركة الترجمة و انتشارها في مجموعة من القارات ثم اللغة الصينية . ينضاف الى كل هذا عدم تحسن الوضعية المادية و المهنية  للأساتذة الباحثين التي جمدت لسنوات فتجمدت وضعيات الاغلبية الساحقة منهم كما ان الظروف الاجتماعية لأغلب طلابنا غير مساعدة اجتماعيا و ترفيهيا و تعلمات .

فكيف يمكن ان ننافس للحصول على مراتب متقدمة في ترتيب الجامعات الدولي ؟ و كيف يمكن النهوض بالبحث العلمي في النموذج التنموي ؟ خصوصا اذا استحضرنا ما اطلعنا عليه من نتائج الاستشارات و الجولات و الدراسات الصادرة عن لجنة تقرير النموذج التنموي و التي تحولت في أجزاء كثيرة منها الى برنامج حكومي يهدف الى جعل المغرب قطبا في القارة الافريقية .

الجواب بايلاء اهمية كبرى للموارد البشرية من خلال التحفيز و المكافأة و توفير الظروف الملائمة للبحث و التفكير و عدم تهميش العلوم الانسانية و الاجتماعية و الاسراع بتفعيل مقتضيات القانون الاطار و مراجعة القانون 01.00 و ضمان الاستقلالية الفعلية و الحقيقية للجامعات و المؤسسات و مراجعة  مساطر التعيين في المسؤوليات و تبسيط المساطر المالية و غيرها من الاجراءات و القرارات و الكف عن  » الخيال العلمي  » في التنظير بعيدًا عن الواقع بإمكاناته البشرية و المالية و غيرها . فواقع اليوم يسائلنا  جميعًا . ..

admin

Laisser un commentaire

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée. Les champs obligatoires sont indiqués avec *