» ليلة العيد »

 »  ليلة العيد »
شارك

قصة قصيرة

محمد السميري

خرجنا أنا ووالدي من مسجد « سي عبد السلام » ، الذي كان يوجد بسوق السلك بعد صلاة المغرب. كان عمري آن ذاك بين الثامنة والتاسعة. انها مرحلة الستينيات، حيث لا زلت طفلا غرا يلهو ويلعب، وكان أبي يصر دائما على اصطحابي الى المسجد، لأرتل القران مع الجماعة. كانت قراءتي متعثرة، لأن الجماعة كانوا يقرأون بسرعة، ولا سبيل الا بفتح فمي بالزعيق للتظاهر أني أتابع القراءة. في تلك الليلة بدأ المطر يتساقط مدرارا كأنه قرب من ماء، كانت طقطقات صوت المطر وهو يتساقط على مسجد سي عبد السلام المسقوف بالزنك تشبه طلقات رشاش(طططططط)، حيث ذاب صوت الجماعة فلم نعد نسمع الا طقطقات المطر.رفعت بصري الى الأعلى منتشيا بالصوت، فنظر الي والذي نظرة شزراء، فعدت أتظاهر بالقراءة رافعا صوتي الى أقصى مداه.ما علينا فان هذه الليلة كما بقيت عالقة في ذاكرتي هي الليلة التي سيتم فيها القبض على جلول. ستسألني من هو جلول؟ ! جلول هّذا شخصية يختلط فيها الواقع بالخيال. فحياته كان يقضيها بين الدخول والخروج من السجن بسب السرقات والمشاجرات، فكنا نحن الأطفال حين نسمع كلمة جلول نصاب بالهلع، بل كنا نؤلف قصصا من بنات خيالنا حول ما نسمع به عن مغامراته. لكن في تلك الليلة والتي كانت ليلة عيد الأضحى، سنشاهد نحن الأطفال ومعه نساء ورجال الحي واحدة من هذه المغامرات بأم أعيننا. عندما خرجنا أنا وأبي من المسجد توقف المطر عن السقوط، وبدت السماء صافية من الغيوم مع بعض النجوم المتناثرة هنا وهناك. كانت أزقة الحي شبه مظلمة، فالإنارة نادرة والمصابيح الباهتة المثبتة على جدران المنازل قليلة، بل ان بعض الأزقة كانت خلوا من الانارة، وخاصة المنطقة المحاذية لمنزل جلول، وهي أرض تمتد على مد ى البصر من منزل جلول الى حي سيدي الخدير، حيث كان مالكها يخصصها لزراعة القمح، والتي كنا نلعب فيها نهارا وسط السنابل وزهور شقائق النعمان. لم نكن نقصدها ليلا خوفا من أن يسرقنا جلول كما كانت تقول أمي. كانت أضواء سيارة لمخازنية تظهر من بعيد، خاصة الضوء الأحمر للمصباح الدوار. طلب مني والدي أن نخفف السير لمعرفة ما الأمر. وصلنا أمام دار جلول.كان المخازنية يحيطون بالمنزل من كل جانب وسط جمهور غفير من سكان الحي.صاح أحد المخازنية:

-هاهو..هاهو…هاهو…

سأل أبي أحد الجيران:

ما الامر؟ !

-جلول سرق خروفا فجاء المخازنية للقبض عليه

كان جلول يقفز بين السطوح يريد أن يلود بالفرار

-ها هو… ها هو…نقز الى دار با احمد.قال احدهم

كان الأطفال يتصايحون، جلول.. جلول.. جلول…جلول…نهرهم أحد المخازنية. لكنهم لم يتوقفوا عن الهتاف. كنت أحاول أن أتسلل بين أرجل وسيقان الواقفين والواقفات لرؤية جلول. لكن إحدى النساء وهي مي فاطنة لغليظة كما كان يلقبها نساء الحي نهرتني بيدها لأني لمست شيئا في جسدها.

-سير تحشم جيل قيمش ما يحشم ما يرمش

في هذه اللحظة امتشق أحد المخازنية مسدسه من جيبه محاولا التصويب ناحية سطح أبا احمد. صعد مخازنية آخرون إلى منزل أبا احمد. نزل أربعة من من بيت جلول. سألهم قائدهم:

-هل وجدتوه؟

-لا سيدي يظهر أنه هرب !

-كيف هرب ونحن نطوق المنزل؟ !

!لا أعرف سيدي؟-

-أنظر من الزقاق الاخر؟ !

نظرنا سيدي فلا شيء هناك-

-أتفو ميرد

كان الناس يتلاغطون:

-واقيلا اهرب .قال عباس الجزار.

رد بوشعيب البناي اوالله لقدو اشدوه، را ه خطير.

لكن كيف هرب جلول امام أنظار المخازنية مع كثرتهم. عرفنا بالأمر في صباح اليوم التالي، أي يوم العيد، حين كنا نأكل شواء العيد عند جارنا حمو الملقب بالحريزي. حيث اخبرتنا زوجته أمي فاطنة. أن جلول لما قفز لسطح منزل أبا احمد أعطته زوجة هذا الأخير جلبابها ونقابها فخرج متنكرا دون أن يفطن إليه أحد.

admin

Laisser un commentaire

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée. Les champs obligatoires sont indiqués avec *