انتصروا للإنسانية ينتصر الله بكم في الحياة
خاطرة بقلم الدكتور سدي علي ماءالعينين،أكادير،غشت،2023.
يعتقد البعض ان طريق الله هي سبحة في اليد، وعلامة صلاة على الجبهة، وذهاب وإياب الى المسجد في كل صلاة، و تسابق الى الصفوف الأمامية، و قراءة حزبين من القرآن الكريم جماعة بالمسجد او فردا بالبيت،
ويعتبر البعض ان طريق النساء الى الله كل ما سبق مع حجاب على الرأس وحجب الجسد عن المخالطة، وكتم الصوت وعدم المجاهرة،
ويعتقد آخرون أن طريق الله هو إطلاق الآذان بالهاتف المحمول، وإطلاق تسجيلات تلاوة القرآن يوم الجمعة، وتغيير الاسم الى أسماء قرشية زمن الجاهلية وصدر الاسلام، وجر النعال، و تقصير الجلباب ،و حمل السواك،
هناك من لا يرى في كتب السنة غير ما سلف، وفي القرآن غير ما ذكرنا،
هذه مظاهر، فأين العمق، والصلب ،و ما تخفي السرائر ؟
اين السلوك و المعاملات ؟
اين الصدق في العبادات ؟
أين الزكاة على الممتلكات؟
أين الله في الركوع والسجدات ؟
أين بر الوالدين والجنة تحت اقدام الامهات ؟
وأين الزكاة و الصدق والبر في المعاملات ؟
أين تزكية النفس بالخشوع في العبادات؟
أين الإصلاح بإزالة الأذى عن الطرقات ؟
أين الرحمة بالأيتام و الابناء و الزوجات ؟
إن من يفترون على الله كذبا، هم من يقولون ما لا يفعلون، ويفعلون ما يناقض ما يحسون، و عن كنه الدين يتغافلون، و بالمظاهر يتمسكون
إن الجهاد هو جهاد النفس وليس تكفير الغير، ولا فرض الرقابة ،ولا التحكم في الرقاب ،و لا تنزيل الشريعة بالسيف و النهي النشاز ،
والصلاة ليست زينة قبل دخول المسجد، ولا تزاحما على الصفوف الأمامية ،ولا كثرة السجود والركوع ..
الصلاة هي اتصال بالرحمن مع ما يستوجبه الأمر من تقدير للمقام ،و حسن القيام ،و تحية السلام ، وهي الخشوع لمن استطاع إليه سبيلا ، فهو لا يأتي بالمظاهر و لكن بتصفية السرائر .
أليست الجنة تحت أقدام الامهات؟
فلماذا يستبدل المرء دار والديه بداره؟ ويغادر حضن الام ويبدلها بحضن امرأة أخرى ؟ !!!!
ولماذا تغادر البنت قرب وخدمة أمها لتسكن ببيت رجل غريب او قريب لتخدمه ؟!!!!!
تمسكوا بأوقات الصلاة ،لكن كفوا عن تعطيل مصالح الناس بالذهاب الى المسجد لساعات ، فالأصل في الصلاة ميقاتها وليس مكانها ، وجماعتها في فردين ولو بمقر العمل وليس في تعطيل أمور الناس بيافطة « نحن ذاهبون للصلاة ،التحق بنا « !!!!
علموا النساء ان العفة في النظرة وليست في عيون كالسهم من خلف خمار ،و الطهارة في النفس وليس في ملبس مهما غطى وستر فمن تحته وحش بالحجاب والنقاب يتستر !!!!
إن الله خلقنا لنعبده ، لكن العبادة ليست فقط صلاة في المساجد و لا خلوة للتعبد ،
العبادة معاملات ، و منها مع الخالق بالعبادات ومع الناس بمعاملات تسمو عن العبادات ،
كن إنسانا وانطق الشهادتين ،تجد نفسك مؤمنا و مسلما، ومسلما امرك لله .
آفتنا ،تمسكنا بقشور الإسلام ،و منقذنا التمسك بعمق الإسلام ،
الإسلام هو السلم والأمان ،سلم الروح ،و من سلمت منه نفسه و سلم منه الناس ،
إن مسح دمعة اليتيم ، والبر بالوالدين ،و إسعاد الزوجة والاولاد ،و حسن الإخلاص في العمل ،و حسن الجورة ،و نقاء السريرة ، والبحث المتواصل عن صفاء النفس ،وراحة البال ،و الرضى بالحلال رغم قلته عن الحرام رغم كثرته ،
وإن جهاد النفس عن الملذات ما حرم منها ،والإقبال على الحياة ما طاب منها ، و العيش بالسجية ، و الانخراط في الجماعة وقتل النرجسية ، والعفو عند المقدرة ، والطبطبة على النفوس المنكسرة ،
وإن تسخير ما ملكك الله ليكون في خدمة مملكته ، و تدبير ما منحك الله ،لتكون طريقه الى غيرك ، و تيسير الامور التي اوكلك الله لتكون خير راع لرعيته ،
إن هذا كله هو بعض من الدين ،وليس الدين كله ، لكنه شريعة الله وليس شعائر الأفاقين والمنافقين الذين ظاهرهم تقية و باطنهم نفوس مريضة .
يا ابن آدم ، إن الله لم يخلقك ليعذبك ،ولا خلقك لتعذب خلقه ،
بل خلقك لتعيش وتتعايش وتزرع الخير في مملكته، بشجرة تزرعها وتسقيها ودرية تلدها و ترعاها، وعمل تقوم به وتحسن القيام، وبعبادات تكون كموعد غرام بينك و بينه، بلا رياء و لا مظاهر خداعة.
الله فينا ،والجنة فينا ،والخلود في ملكوت الرب مصيرنا ،
فلا تمكروا فالله خير الماكرين، وارحموا والله خير الراحمين
انتصروا للإنسانية ينتصر الله بكم في الحياة، و يرتقي بكم الى سبع سماوات لتكون الجنة مستقركم .
فهل تعتبرون؟