على هامش واقعة عامل سطات مع المندوب الإقليمي للتعليم، سؤال القوانين والممارسة..

على هامش واقعة عامل سطات مع المندوب الإقليمي للتعليم، سؤال القوانين والممارسة..
شارك

أحدثت واقعة عامل سطات مع المندوب الإقليمي للتعليم، مواقف متباينة بين مناصر ومعارض لما جرى خلال جلسة المجلس الإقليمي، وقد ذهبت تحاليل أكثر من أستاذ جامعي، إلى التعاطي مع هذا الحدث على مستوى المقاربة الحقوقية، باستحضار القوانين المنظمة لاختصاصات العمال وعلاقتهم برؤساء المصالح الخارجية.

وفي هذا الإطار نقدم رأي الأستاذ عبد اللطيف قيلش دكتور في القانون العام والعلوم السياسية..

 احدثت إهانة العامل للمدير الإقليمي للتعليم: سؤال القوانين والممارسة..   فالفيديو الذي ملأ صفحات شبكات التواصل الاجتماعي وبات موضوعا للتعليقات والاحتجاجات يسجل طريقة التعامل المهين والحاط من الكرامة والفاقد للقواعد الإدارية والمسطرية لعامل سطات مع المدير الإقليمي لوزارة التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة بسطات، ويستدعي وقفة للنقاش حول راهن المغرب ومستقبله الحقوقي. مواقف التنديد والإدانة تكتسي أهمية بالغة لكونها تجسد ثقافة المواطنة، وهي في ظني ينبغي أن تتجاوز المقاربة الجزئية الظرفية، لتؤسس لنقاش حول شعارات حقوق الإنسان ودولة المؤسسات، ودولة الحق والقانون.

إنه نقاش في صلب قضية الديموقراطية في المغرب. ولا بأس العودة إلى دستور 2011، إذ نص الفصل 22 على  » لا يجوز المس بالسلامة الجسدية أو المعنوية لأي شخص، في أي ظرف، ومن قبل أي جهة، كانت خاصة أو عامة. ولا يجوز لأحد أن يعامل الغير، تحت أي ذريعة، معاملة قاسية، أولا إنسانية أو مهينة أو حاطة بالكرامة الإنسانية. ممارسة التعذيب بكافة أشكاله، ومن قبل أي أحد، جريمة يعاقب عليها القانون «. وفي الباب التاسع الخاص بالجهات والجماعات الترابية الأخرى نص الفصل 145 على ما يلي: » يمثل ولاة الجهات وعمال الأقاليم والعمالات، السلطة المركزية في الجماعات الترابية. يعمل الولاة والعمال، باسم الحكومة، على تأمين تطبيق القانون، وتنفيذ النصوص التنظيمية للحكومة ومقرراتها، كما يمارسون المراقبة الإدارية. يساعد الولاة والعمال، تحت سلطة الوزراء المعنيين، بتنسيق أنشطة المصالح اللاممركزة للإدارة المركزية، ويسهرون على حسن سيرها ». وبالعودة إلى القوانين التنظيمية للجماعات الترابية 113.14(الجماعات والمقاطعات)،و111.14(الجهات)،و112.14(العمالات والأقاليم)،نجد أن الباب الرابع الخاص بالمراقبة الإدارية(القانون التنظيمي 113.14) المنصوص عليها في المادة 115،تتحدد في » شرعية قرارات رئيس المجلس ومقررات مجلس الجماعة. كل نزاع في هذا الشأن تبت فيه المحكمة الإدارية… » .وهو نفس المقتضى نصت عليه المادة 106في الباب الثالث المخصص للمراقبة الإدارية (القانون التنظيمي 112.14).كما نصت المادة 34 من القانون التنظيمي (112.14)على  » يحضر عامل العمالة أو الإقليم دورات مجلس العمالة أو الإقليم ولا يشارك في التصويت، ويمكن أن يقدم بمبادرة منه أو بطلب من الرئيس أو أعضاء المجلس جميع الملاحظات والتوضيحات المتعلقة بالقضايا المتداول في شأنها…ويمكن للرئيس عن طريق العامل استدعاء موظفي وأعوان الدولة أو المؤسسات العمومية أو المقاولات العمومية الذين يشمل اختصاصهم الدائرة الترابية للعمالة أو الإقليم عندما يتعلق الأمر بدراسة نقاط في جدول الأعمال ترتبط بنشاط هيئاتهم لأجل المشاركة في أشغال المجلس بصفة استشارية « .

وتأسيسا على ذلك فالعامل من الناحية الدستورية: -خرق الفصل 22بإهانة المدير الإقليمي والمس بكرامة ومعاملته المعاملة القاسية. – خرق الفصل 145 بتجاوزه لدور التنسيق بخصوص أنشطة المصالح اللاممركزة للإدارة المركزية، والسهر على حسن سيرها تحت سلطة الوزراء المعنيين. وهو ما يدل على أن العامل مارس دورا واستعمل أسلوبا غير دستوري وغير تربوي وغير أخلاقي انتهك المنظومة الحقوقية،

ووضع نفسه وكأنه يفسر القوانين ويمارسها بطريقته الخاصة. وهذا يعني أن العامل لم يتخلص من مضامين ظهير مارس 1956الذي أحدثت بموجبه هيئة العمال، وظهير 6أكتوبر 1993المتمم والمحدث لتغييرات وسعت من اختصاصات العمال الى حد فقدت المناصب والمصالح المركزية والخارجية أي اعتبار. ولم يتخلص من دستور 1996الذي جعل العمال يمثلون الدولة » يمثل العمال الدولة في العمالات والأقاليم والجهات ويسهرون على تنفيذ القوانين وهم مسؤولون عن تطبيق قرارات الحكومة كما أنهم مسؤولون لهذه الغاية عن تدبير المصالح المحلية التابعة للإدارات المركزية » (دستور 1996، الفصل 102). كما أن العامل خرق مقتضيات القوانين التنظيمية للجماعات (112.14الخاص بالعمالات والأقاليم)، إذ تطاول على الاختصاص وبدا وكأنه هو الرئيس، ما يطرح نقاشا حول سلطة التعيينات وسلطة الانتخابات، ووظيفة صناديق الاقتراع في صناعة القرار. كما تجاهل العامل وظيفة المراقبة الإدارية، ومنطوق المادة 115 والمادة 34 من القانون التنظيمي المشار إليه. لا تمنع المستجدات الدستورية والقانونية من استمرارية الغموض على مستوى بعض الاختصاصات لمنح إمكانية القطع العملي مع الوصاية التي كانت تمارس بشكل مباشر من طرف السلطة المركزية أو ممثليها ،وكانت مستمدة من طبيعة القوانين .إن الحدث المتداول يظهر أن معركة القوانين الانتخابية ،ومعركة القطع مع الوصاية تكتسي أهمية بالغة ،ومع ذلك فالقوانين وحدها غير كافية إذا لم تتوفر الإرادة السياسية ،وإذا تتغير الذهنيات ،وهي أيضا معركة ثقافية تستوجب التربية على المواطنة وعلى حقوق الإنسان وإدراجها في مختلف المعاهد .ومن تمة فإن الحدث ينبغي أن يشكل لحظة الانحياز لمنظومة حقوق الإنسان والانخراط في مختلف المعارك الحقوقية والديموقراطية، فهي كل غير قابل للتجزيء.

admin

Laisser un commentaire

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée. Les champs obligatoires sont indiqués avec *