الحاجة للتغيير في المشهد السياسي والجمعوي المغربي
بقلم عبدالحق الفكاك
مرة أخرى نعود للمربع الأول، بدأنا نتحدث عن تجديد النخب، وضرورة التشبيب.. إلخ و طبعا فالمقصود بهذا الكلام قبل أي جهة أخرى هم الأحزاب والنقابات والمنظمات المشابهة .
ولكن المفارقات التي تبدو عليها هذه المؤسسات الجماهيرية يجعل من الصعب معه الحديث عن النخب أو الشباب ؟
فالكل يعلم بأن آخر ما يمكن التفكير فيه هناك، هو صناعة النخب أو تشبيب الأطر وذلك طبعا بسبب انشغال هذه المنظمات بحسابات مقاعد المسؤولية داخل الحكومة و البرلمان و في مجالس الجهات والجماعات الترابية .
والان وقد أجمع الكل على فشل السياسات العمومية للحكومات المتعاقبة واقتنع الجميع، بضرورة إيجاد نخب جديدة قادرة على التنزيل السليم لمقتضيات الدستور الجديد، وتفعيل مضامين النموذج التنموي الجديد بما يجعل هذه النخب مؤهلة لتقديم برامج انتخابية قد تستجيب لانتظارات الشعب وتعمل على إحداث التغيير المنشود .
وبطبيعة الحال فإن التغيير المرتقب، لن يحدث بين عشية وضحاها ،كما أنه لن يؤتي أكله بدون تظافر الجهود وانخراط كل مكونات المجتمع المدني بحيث تتاح الفرصة للجميع – كل من موقعه – قصد المشاركة الفعلية والقوية في الاستحقاقات المقبلة .. مشاركة واعية ومسؤولة .. لا غش فيها ولا تدليس، ولن تكون المشاركات إيجابية دون قبول هذه الأحزاب وتلك النقابات والهيئات المحلية بإجراء تغيير داخلي على قاعدة وضع الرجل المناسب في المكان المناسب دون محاباة أو محسوبية .
ذلك أن محاربة الفساد، يجب أن ينطلق من الداخل ويشمل هرم الحزب وقواعده على حد سواء، وعلى من سيقود حملة تطهير هاته داخل هذه المؤسسات أن يتمتع هو نفسه بالنزاهة والمصداقية وأن يبدأ بنفسه لو تستدعي الضرورة أن يتنازل لغيره في زعامة الحزب نفسه ..
إذ كيف يمكن الحديث عن التشبيب و العصرنة بينما يقبع الشيوخ في مناصب قيادية لا تطالهم يد التغيير ..
بل تجد أكثرهم للأسف يحاول الركوب على موجة التغيير فيأتي بولده أو قريب له ليرشحه في مناصب المسؤولية ؟ ؟ ؟
كما أنه لن يستقيم حال هذه المنظمات السياسية، طالما ظلت بعيدة عن التمثيل الشعبي وبدون سند جماهري حقيقي، بحيث تجد اكترها في واد ، بينما الشعب وهمومه في واد آخر .
إن أحزابنا ونقاباتنا توجد اليوم بين مفترق الطرق، فإما أن تكون أو لا تكون، إذ لم يتبق الكثير من الوقت الذي يمكن إضاعته بالنظر للأوضاع الاقتصادية والاجتماعية الراهنة.
ولا نظن أن الجمعيات والمنظمات المحلية ستبقى بمعزل عن هذا الحراك ، فعليها تقع مسؤولة التتبع و التأطير الشعبي باستغلال ما تتمتع به من إمكانيات معنوية تجعلها الأقرب إلى معاناة الناس ..
لكن هذا لن يتأتى لها من غير أن تقوم هي الاخرى بنقد ذاتي، إذ لم يعد مستساغا أن تجد جمعية يديرها شخص واحد أو عضوَين فقط، بحيث تجد الرئيس وأمين المال وحدهما من يمثلا الجمعية في اللقاءات والاجتماعات الرسمية، بدون أعضاء المكتب أو لجن عمل .. فهل يعقل الحديث عن جمعية بلا أعضاء .. بلا منخرطين ؟
و في الاخير لا يمكن أبدا لأي نموذج تنموي أن يكون فعَّالا مهما كانت فرص نجاحه بدون الانخراط القوي للمواطن ، كما لا يمكن لهذا الاقلاع التنموي المرتقب أن تؤتى ثماره دون تغيير حقيقي لعقلية المواطن ..
هذا المواطن الدي عليه تقع تبعات كل تغيير حقيقي منشود.. المواطن هنا يقصد به كل فئات المجتمع المغربي دون إقصاء أو تمييز.