من يحمي القيم ببلادنا؟

من يحمي القيم ببلادنا؟
شارك

عبد العزيز شبراط

لا أحد كان يظن أو يعتقد أنه سيأتي يوما يستطيع فيه عامة الناس نشر غسيلهم للملأ، حتى خرج للوجود كل تلك التطبيقات التي تحولت سريعا إلى شركات عملاقة، في ظرف زمني قصير لم تستطع الشركات المتعددة الجنسيات التي لها مئات السنين من الوجود، سنة   2004 أنشأ مارك زوكربيرج وقلة من أصدقائه بجامعة هارفارد، إذ كان في بدايته محصورا في هذه الجامعة ثم توسع إلى جامعات أخرى لينتهي به الأمر إلى العموم، فأصبح منصة « أون لاين » تسمح للجميع بتبادل الصور والوثائق وإنشاء المجموعات…وهي اليوم شركة عملاقة تهتم بالعديد من المجالات وعلى رأس ذلك الذكاء الاصطناعي، وتشير بعض المصادر الاقتصادية أن فايسبوك يجني عن كل مستخدم 32 دولار يوميا، وأصبح هو ثالث موقع عالميا بالنسبة للزوار بعد  Google و  YouTube و  Alexa، ثم 2005  ظهر اليوتيوب ثم 2009  واتساب والتي تم شرائها من لدن فايسبوك بما قدره 22 مليار دولار أي ما يقارب أربعين دولارا لكل مستعمل، حيث بلغ مجموع المستعملين سنة 2020  ميلياران من المستعملين، ولكم من الوقت ما يكفي لحساب مداخيل هذه الشركة العملاقة فايسبوك من بيانات المستعملين،  وبيعها للمستشهرين !

من يغذي هذه المنصات العملاقة؟ غير عامة الناس الذين يستعملونها لنشر فضائح بيوتهم وبيوت جيرانهم،  وحينما ندعوهم للالتزام بقليل من الأخلاق واحترام مشاعرنا وثقافتنا، يطلع علينا أكثرهم حمقا وغباءً ويصيح في وجهنا دون استحياء  » إنها حرية التعبير، اتركونا نعبر » ما هكذا تكون حرية التعبير يا رجل!

هل يوجد إنسان مغربي يفسر لي ما ينشر على اليتيوب ويسمى  » روتيني اليومي » ؟ حيت تعمل كل سيدة لها مؤخرة تزن أكثر ما كان يزن الصاروخ الصيني الذي دوخ عامة الناس في الأسابيع الماضية، وتصورها في وضعية مخلة بالأخلاق وبلباس شفاف وتتحرك أمام كاميرة هاتفها الذكي، وفق حركات إباحية، ثم تنشرها على الانترنيت لتحصل على عدد هائل من المشاهدات ! حتى القنوات الإباحية الغربية لها حدا أدنى من الشروط وتمنع القاصرين من مشاهدتها، عكس ما تقوم به تلك السيدات صاحبات  » روتيني اليومي » اللائي ينشرن زبالتهن للقاصرين وغيرهم، وهناك أخرون يبحثون على فضائح الناس وينشرونها على مواقع التواصل الاجتماعي، فقط للحصول على البوز أو على أعلى المشاهدات، أمثل هذا يسمى  » حرية تعبير »؟

 لا ينبغي أن تستمر الأمور على هذا النحو، فالأضرار التي يسببها نشر مثل هذه الفضائح للأطفال والقاصرين أكثر عنفا وتخريبا للعقول من المخدرات، ما الفائدة من البحث عن مواقع زنا المحارم ونشرها للعموم بوجوه مكشوفة؟ ويمكننا أن نعدد الأمثلة في هذا المجال طويلا، ما موقع الهاكا من مثل هذه الأمور وهي الهيئة المسؤولة على كل ما ينشر في السمعي البصري؟ وما موقف المجالس العلمية الممتدة على طول البلاد وعرضها؟

لكن حينما يفكر بعض المثقفين في إصدار جريدة الكترونية محترمة وهادفة تحاصرها جهات متعددة مطالبة إياها بتوفير شروط الملائمة!

إذا كانت الدولة المغربية غير قادرة (حتى لا نقول عاجزة)، على التدخل من أجل الحد من هذه التجاوزات، فاعلم أننا سنصبح قريبا بدون قيم.

وإذا كانت هذه الحكومة التي يقودها حزب العدالة والتنمية ذي المرجعية الإسلامية، لا تهتم بما ينشر ويوزع على هذه الوسائط، فمن سيحمي قيمنا وأخلاقنا، وأين سنجد القدوة وبوصلتنا في الأخلاق؟ إن السكوت عن مثل هذه الكوارث والتجاوزات الأخلاقية يعتبر بحق أداة تدمير ممنهج، لقيمنا الإسلامية والعربية بجذورها الافريقية التي تميزنا عن غيرنا، وإذا كانت الانترنيت فتحت الأبواب والنوافذ على العالم، فلا يجب أن نسمح للجهلة والأمين بإفساد النشئ على حساب الربح المادي، في الدول التي تحترم نفسها وتحترم ناشئتها ومواطنيها تغرم هذه الوسائط بمبالغ كبيرة، إذا ما سمحت بنشر ما يضر قيمها وأخلاقها وعقول مواطنيها، فيما حكومتنا الموقرة بقيادة حزب العدالة والتنمية تغض الطرف عن ما ينشر من التفاهات  والتراهات، وكل ما من شأنه إفساد عقول الأحداث، إن السماح بتداول هذه المفاسد بشكل واسع، سيجعل الناشئة يظنون أن ذلك مباح، ويمكن ممارسته دون حرج مثل زنا المحارم.

ما الغرض من نشر التفاهة والسماح للتافهين من إحراز الصفوف الأمامية، وتهميش المثقفين والمبدعين ومنتجي الفكر النقدي؟ فقط الغرض من كل ذلك هو خلق نوع بشري جديد غير قادر على التمييز بين النافع والضار، وسهل للاستعمال، خصوصا أمام صناديق الاقتراع، بشر غير قادر على اتخاذ القرار، وجاهز لتطبيق الأوامر.

admin

Laisser un commentaire

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée. Les champs obligatoires sont indiqués avec *