الإصلاح الجبائي: السياق-المضامين-الخلاصات

الإصلاح الجبائي: السياق-المضامين-الخلاصات
شارك

الجزء الثاني  والأخير

المنظار: سنعرض لقرائنا هذا البحث العلمي الجامعي لطالبة باحثة في سلك الدكتوراه، قانون جبائي، تتناول فيه الإصلاح الجبائي والسياق العام الذي يندرج فيه هذا الإصلاح والمضامين التي ترتبط به مع تقديم خلاصات جامعة للموضوع. ونظرا لطول المادة ارتأينا تقسيمها إلى جزئين أجزاء تنشر تباعا.

بقلم: سهام العلوي

1.3 – المناظرة الوطنية للجبايات 2019.

تعد المناظرة الوطنية للجبايات في نسختها الثالثة بمثابة فرصة للباحثين والمتخصصين في المجال الجبائي، بفتح حوار وطني شامل حول أهم المواضيع المساهمة في التنمية الاقتصادية والاجتماعية.

حيث انعقدت هذه المناظرة في سياق ما يعرفه النظام الضريبي من مشاكل واختلالات سواء على مستوى انعدام العدالة الجبائية من جهة أو على مستوى الجبايات المحلية وعدم ملائمة أسسها وإجراءاتها مع جبايات الدولة من جهة أخرى.

وعليه، كان من بين أهم ما ارتكزت عليه مخرجات هذه المناظرة بشكل عام، والتي حددت في أربع محاور :

1 – المبادئ الأساسية،

2 – العقلنة الاقتصادية،

3 – الانسجام والشمولية،

4 – الحكامة الجيدة.

1.4 – تقرير النموذج التنموي.

لنجاح أي نموذج تنموي ينبغي بدرجة أولى أن يرتكز على أُسس تمويلية داخلية لتفادي الاقتراض، وهو ما أًصبح ضرورة إصلاح النظام الجبائي كغاية ملحة لإنجاح هذا النموذج، باعتباره المورد الأساسي والأهم لسد حاجيات الدولة والممول الرئيسي للسياسات المالية العامة.

 ومن بين أهم الأهداف التي جاء بها تقرير النموذج التنموي هو مطلب الإصلاح الضريبي على ضوء ما خلصت له المناظرة الوطنية الثالثة للجبايات، بعدما وصفت اللجنة في تقريرها بأن النظام الجبائي الحالي، هو نظام غير منصف، والمداخيل المعبأة ضعيفة مقارنة بإمكانات الاقتصاد الوطني، مشيرة الى أنه هناك عدة اختلالات تفسر مكامن الضعف الحالية في هذا النظام ، و المحددة  باختصار حسب ما ورد في الملحق الثاني للتقرير العام للنموذج التنموي:

 عدم حياد القواعد الضريبية بالنسبة لطبيعة الدخل،

وجود إعفاءات واستثناءات لا إثبات لأثرها،

عدم الانصاف الضريبي،

ضعف في المقروئية وفي التناسق والرؤية على المدى البعيد ،

عدم استقرار مضامين المدونة العام للضرائب بتحيينها السنوي،

تعقيد نظام الجبايات المحلية وعدم التنسيق بين المتدخلين فيه،

الغش، والتهرب الضريبيين.

كما أضاف التقرير العام بأن خلق سياسة جبائية أكثر فعالة، من شأنها تعبئة موارد إضافية تتراوح ما بين 2% و3% من الناتج الداخلي الخام، وسيأتي ذلك من خلال تحسين العدالة الجبائية، وتوسيع الوعاء الضريبي وإدماج القطاع غير المهيكل، دون إغفال ترشيد النفقات الجبائية بشكل عام، لاسيما المجالات التي لم يعد الاعفاء الجبائي فيها مبررا . لضمان حكامة فعالة وجيدة تعزز الثقة في النظام الضريبي.

2 – قراءة في مضامين القانون الإطار:

2.1- قراءة في مضمون قانون الإطار

جاء قانون الإطار رقم 19-69 المتعلق بالإصلاح الضريبي، بغية وضع حد للاختلالات والمشاكل التي تعاني منها المنظومة الجبائية الحالية، وذلك من خلال تحديد مبادئه وأهدافه وآليات تطبيقه وفق أولويات محددة، وكذا بتتميم وتعديل ما هو غائب في النظام الحالي، والذي يهم مجموعة من الإشكالات والثغرات المتعلقة أساسا بجانب الانصاف والعدالة باعتبار هاذين المبدأين هما الركيزة الأساسية لأي إصلاح كيفما كان، وهذا ما ارتكز عليه القانون الجديد، والهادف لإرساء و ضمان مساواة الجميع أمام الضريبة لتحقيق العدالة الجبائية المنشودة، كما عمل أيضا على تخفيض العبء الجبائي على الخاضعين للضريبة بالموازاة مع عقلنة الامتيازات و الإعفاءات الضريبية الغير مبررة الممنوحة لفائدة بعض الأنشطة و القطاعات، وفق ما هو ساري بالنظام الحالي، كما عمل أيضا هذا القانون الاصلاحي على إعادة النظر في الجدول التصاعدي لأسعار الضريبة على الدخل المطبقة على الأشخاص الذاتيين، عكس ما هو جاري به العمل وفق نظام جزافي غير عادل، إضافة لتوسيع وعاء هذه الضريبة وملاءمة تحسين نظام المساهمة المهنية الموحدة من أجل إدماج القطاع الغير المهيكل.

وبموجب القانون الجديد، سيتم التوجه تدريجيا نحو سعر موحد فيما يخص الضريبة على الشركات، لا سيما بالنسبة إلى الأنشطة الصناعية، وتطبيق سعر موحد فيما يخص الأسعار المتعلقة بالأنظمة التفضيلية المطبقة بمناطق التسريع الصناعي والخدمات. مع سن تدابير تحفيزية بهدف تطوير المقاولات المبتكرة لاسيما الحديثة النشأة العاملة في مجالات التكنولوجيا الحديثة والأبحاث والتطوير والمجال الاجتماعي، وبنيات الدعم المسماة “الحاضنات أو المسرعات” والمقاولات التي تهدف إلى تجميع المقاولات الذاتيين.

وكذا سيعمل هذا القانون الاطار على تعزيز نظام الحكامة الفعالة والناجعة، والذي ستحرص الدولة من خلاله على مواصلة ورش تحديث ورقمنة الإدارة والنهوض بمواردها البشرية، وتطوير آليات التبادل بين نظم المعلومات، وذلك بغية في التجويد من خدماتها، لتعزيز نجاعة وفعالية الإدارة الجبائية من جهة ومحاربة كافة أشكال التهرب الغش الضريبيين من جهة أخرى،

ولم يغفل المشروع الإصلاحي الجديد على الالتفات للإشكالات التي تتضمنها منظومة الرسوم الجماعية وشبه الضريبة، حيث دعا من أجل تبسيط وترشيد وملاءمة جبايات الدولة مع جبايات الجماعات الترابية والرسوم شبه الضريبية، وضمان موارد قارة لفائدتها مع وضع نمط حكامة مناسب لها.

2.2-أهداف قانون الإطار

جاء قانون إطار رقم 19-69 المتعلق بالإصلاح الجبائي، بهدف تكملة وتعديل النواقص والثغرات التي نشوب المنظومة الجبائية الحالية. ومن أجل إرساء سياسة ضريبية عادلة منصفة فعالة وشفافة في إطار السعي إلى تعزيز مساهمة جبايات الدولة والجماعات الترابية في تمويل سياسات التنمية الاقتصادية والاجتماعية وكذا بهدف تعزيز الحقوق والثقة المتبادلة بين الملزمين والإدارة وفق مضامينه، وذلك من خلال تأطير السلطة التقديرية للإدارة فيما يتعلق بتفسير النصوص الجبائية ومراقبتها وتحديد أسس فرض الضريبة وعبء تقديم الإثباتات اللازمة، لتحقيق التوازن المنشود بين حماية حقوق الملزمين من جهة وضمان مداخيل الدولة من جهة أخرى.

2.3- تعزيز الحكامة

ستحرص الدولة من خلال قانون الإطار 69.19، على تجويد الخدمات المقدمة للملزمين من خلال تحديث ورقمنة الإدارة ودعم مواردها البشرية، وكذا بتحسين وسائل الاعلام والتواصل مع الملزمين والتقييم الدوري لأدائها بغية في تعزيز نجاعة وفعالية الإدارة الجبائية.

وهذا أقرته مضمون المواد الخمس المدونة في الباب الرابع من القانون الاطار والحامل لعنوان الحكامة، ليكون بذلك مرجعا أساسيا لتأطير السلطة التقديرية للإدارة الجبائية فيما يخص تحديد و تصحيح أسس فرض الضريبة، و مرجعا أيضا لتجويد الخدمات الإدارية للملزمين، بغية في تعزيز علاقات الثقة بين الإدارة و الملزمين.

3– خلاصات عامة :

من خلال هذه الورقة وبعد تبيان أسباب تنزيل قانون الإطار رقم 19-69 المتعلق بالإصلاح الضريبي وإطاره المرجعي، وكذا تقديم الإصلاحات الجديدة التي جاء بها من خلال مضامينه قصد تحقيق توازن المنظومة الجبائية الجديدة، عبر وضع حد لجل الاكراهات والاختلالات التي كانت تشوبها سواء على مستوى الممارسة أو على مستوى التطبيق، يمكن التوصل إلى الخلاصات التالية:

–        تحقيق العدالة الجبائية وضمان مساواة الجميع أمام الضريبة؛

–        تحسين مقروئية النصوص الجبائية، للحد من الاختلاف والتضارب في تأويلها؛

–        تعبئة كامل الإمكانات الضريبية لتمويل السياسات العمومية؛

–        توسيع الوعاء الضريبي وضمان توازن المالية العمومية؛

–        إصلاح وتبسيط منظومة الرسوم الجماعية وشبه الضريبية، وملائمتها مع جبايات الدولة؛

–        تعزيز نظام الحكامة الفعالة والناجعة.

admin

Laisser un commentaire

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée. Les champs obligatoires sont indiqués avec *