موضوع العلمانية

موضوع العلمانية
شارك

علال بنور.

  العَلمانية أو ما يعرف باللائكية من حيث المبدأ، فهي تعني فصل الدين عن الدولة أي عن أمور الحكم والتشريع فيها، وتعني اصطلاحاً فصل المؤسسات الدينية عن السلطات السياسية والتشريعية والقضائية، وقد تعني أيضاً عدم قيام الحكومة أو الدولة بإجبار المواطنين على اعتناق أو تبني معتقد أو دين أو تقليد معين لأسباب ذاتية غير موضوعية.
كما تكفل الدولة العلمانية الحق في عدم اعتناق دين معيّن وعدم تبني مذهب كدين رسمي للدولة. بمعنى من المعاني ، فإن مصطلح  العلمانية يشير إلى الرأي القائل ، بأن الأنشطة البشرية وجميع  القرارات، خصوصًا السياسية منها يجب أن تكون غير خاضعة لتأثير المؤسسات الدينية.
تعود جذور العلمانية إلى الفلسفة اليونانية القديمة التي وضع أسسها الفلاسفة ، مثل  » ابيقور » ، غير أنها خرجت بمفهومها الحديث خلال عصر الأنوار في أوروبا على يد عدد من المفكرين أمثال « توماس جيفرسون  » « وفولتير » وغيرهم من الفلاسفة، .ولا تعتبر العلمانيّة قضية فكرية  جامدة ، بل هي قابلة للتحديث والتكييف حسب ظروف الدول التي تتبناها، وقد تختلف حدة تطبيقها ودعمها من قبل الأحزاب أو الجمعيات الداعمة لها ، والمؤمنة بقيمها بين مختلف دول ومناطق العالم. لكن شريطة ألا تخرج عن ركائزها الثابتة. يعتبر الفيلسوف الإنجليزي « جون لوك « ، واضع أسس العلمانية في القرن السابع عشر، حيث يرى أن وظيفة الدولة هي رعاية مصالح المواطنين الدنيوية، أما الدين فيسعى إلى خلاص الروح في الآخرة. ومن هذا المنطلق، فالدولة لا تستطيع بما تملك من قوة أن تضمن لمواطنيها نجاتهم في الآخرة، وبالتالي لا تملك الحق أن تجبر المقيمين على أرضها أن يقيموا الشعائر الدينية.
من خلال هذا القول، نرى أن هدف « جون لوك « وهو  الفيلسوف المتدين أن ينقذ الدين من تلاعب السلطة به واستخدامه لأغراضها السياسية، ورأى أن انحياز الدولة لدين معين يشجع على النفاق والتدين الشكلي، فضلاً عن أنه يهدد وحدة الدولة والتعايش السلمي بين المواطنين.
أن العلمانية لا  تعد قضية فكرية  ضد الدين، كما يروج له الداعية الإسلامي المتزمت ، بل تقف على الحياد منه، ففي الولايات المتحدة مثلاً : قامت  العلمانية بحماية الدين من تدخل الدولة والحكومة وليس العكس، في الوقت الذي يعتبرها البعض جزءًا من التيار الإلحادي كما جاء في (الموسوعة العربية العالمية) الصادرة في السعودية ، لذلك يجب القول ، فلا علاقة للإلحاد بالعلمانية .او كما شاهدنا اثناء ثورة سانتياغو بقيادة الحزب الشيوعي ضد النظام الديكتاتوري، أن الكنيسة وقفت الى جانب الثوار، فقدمت لهم الدعم بحمايتهم ومدهم بالأسلحة.
قدم الكاتب البريطاني « جورج هوليوك  » عام 1851، صيغا توصيفية ، ونظم ما كان الفلاسفة قد صاغوه سابقًا من نظام اجتماعي منفصل عن الدين ،غير أنه لا يقف ضده. إذ قال:  » لا يمكن أن تفهم العلمانية بأنها ضد المسيحية هي فقط مستقلة عنها، ولا تقوم بفرض مبادئها وقيودها على من لا يود أن يلتزم بها. المعرفة العلمانية تهتم بهذه الحياة، وتسعى للتطور والرفاه في هذه الحياة كذلك، وتختبر نتائجها في هذه الدنيا”.
بناء عليه، يمكن القول أن العلمانية ليست أيديولوجيا أو عقيدة بقدر ما هي طريقة للحكم، ترفض وضع الدين أو المذهب كمرجع رئيسي لتنظيم الحياة السياسية والقانونية والاجتماعية في الدولة، بل تتجه إلى الاهتمام بالأمور الحياتية للبشر بدلاً من الأمور الأخروية، أي الأمور المادية الملموسة بدلاً من الأمور الغيبية.

admin

Laisser un commentaire

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée. Les champs obligatoires sont indiqués avec *