المغرب وقضايا التشجيع على التسامح بين الشعوب الافريقية تسوية أوضاع المهاجرين نموذجا
بقلم : عبدالحق الفكاك
من الواضح أن ﺍﻟﺘﺴﺎﻣﺢ، يعد ﻣﻦ ﺃﻋﻈﻢ ﺍﻟﻤﺒﺎﺩﺉ ﺍﻟﺘﻲ ﻳﺘﺒﻨﺎﻫﺎ ﺍﻻﻧﺴﺎﻥ، فهو ﺍﻟﻘﻨﺎﻋﺔ ﺍﻠﺘﻲ ﺗﺠﻌﻠﻚ ﺗﺘﺴﺎﻫﻞ ﻓﻲ ﺍﻟﺘﻌﺎﻣﻞ ﻣﻊ ﺍﻷﺷﺨﺎﺹ، ﻭﺗﻌﺬﺭﻫﻢ ﻭﺗﺼﻔﺢ ﻋﻨﻬﻢ إﻥ هم ﺃﺧﻄﺄﻭﺍ في حقك !..
ولعل ﺍﻟﺘﺴﺎﻣﺢ ﻻ ﻳﻜﻮﻥ ﻣﻦ ﻃﺮﻑ ﻵﺧﺮ ﻓﺤﺴﺐ: ﺑﻞ ﻳﻜﻮﻥ ﻣﻦ ﺍﻻﻧﺴﺎﻥ ﻟﻨﻔﺴﻪ، ﻓﺎﻟﺸﺨﺺ ﻳﺴﺎﻣﺢ ﻧﻔﺴﻪ، إﺫﺍ ﺃﺧﻄﺄ ﻷﻥ ﺍﻹﻧﺴﺎﻥ ﺧﻄﺎﺀ ﺑﻄﺒﻌﻪ .
كما أن المجتمع الذي يتسامح أفراده فيما بينهم، يشهد حتما نموا تقافيا واقتصاديا وذلك بسبب التضامن و التعاون الذي تشيعه قيم التسامح .
ﻭﻷﻫﻤﻴﺔ ﺍﻟﺘﺴﺎﻣﺢ ﻓﻲ ﺍﺳﺘﻘﺮﺍﺭ الأمم ﻭﺃﻣﻦ ﺍﻟﻌﺎﻟﻢ، ﺗﻢ ﺍﺗﺨﺎﺫ ﺧﻄﻮﺓ ﺍﻳﺠﺎﺑﻴﺔ ﺑﺘﺤﺪﻳﺪ ﻳﻮﻣ ﻣﻦ ﺍﻟﺴﻨﺔ ﻭﻫﻮ ﺍﻟﻴﻮﻡ ﺍﻟﺴﺎﺩﺱ ﻋﺸﺮ ﻣﻦ ﺷﻬﺮ ﻧﻮﻓﻤﺒﺮ ﻟﻴﻜﻮﻥ ﻳﻮﻣﺎً ﻋﺎﻟﻤﻴﺎ ﻟﻠﺘﺴﺎﻣﺢ .. !
و هكذا ﺟﺎﺀ ﻗﺮﺍﺭ ﺍﻟﺠﻤﻌﻴﺔ ﺍﻟﻌﺎﻣﺔ ﻟﻼﻣﻢ ﺍﻟﻤﺘﺤﺪﺓ ﺭﻗﻢ 51/95 ﻓﻰ 12 ﺩﻳﺴﻤﺒﺮ ﻋﺎﻡ 1996 ﻭﺑﻤﺒﺎﺩﺭﺓ ﻣﻦ ﻣﺆﺗﻤﺮ ﺍﻟﻴﻮﻧﻴﺴﻜﻮ ﻋﺎﻡ 1995 ﺑﺎﻋﺘﺒﺎﺭ ﻳﻮﻡ 16 ﻧﻮﻓﻤﺒﺮ ﻳﻮﻣﺎ ﻋﺎﻟﻤﻴﺎ ﻟﻠﺘﺴﺎﻣﺢ .
ﻭﺩﻋﺖ ﺍﻟﺪﻭﻝ ﺍﻻﻋﻀﺎﺀ ﺑﺎﻻﺣﺘﻔﺎﻝ ﺑﻪ، ﻣﻦ ﺧﻼﻝ ﺍﻟﻘﻴﺎﻡ ﺑﺄﻧﺸﻄﺔ ﻣﻼﺋﻤﺔ ﺗﻮﺟﻪ ﻧﺤﻮ ﻛﻞ ﻣﻦ ﺍﻟﻤﺆﺳﺴﺎﺕ ﺍﻟﺘﻌﻠﻴﻤﻴﺔ ﻭﻋﺎﻣﺔ ﺍﻟﺠﻤﻬﻮﺭ، ﺣﻴﺚ ﺍﻋﺘﻤﺪﺕ ﺍﻟﺪﻭﻝ ﺍﻷﻋﻀﺎﺀ إﻋﻼﻥ ﺍﻟﻤﺒﺎﺩﻯﺀ ﺍﻟﻤﺘﻌﻠﻘﺔ ﺑﺎﻟﺘﺴﺎﻣﺢ .
كما ألزمت ﺍﻟﺤﻜﻮﻣﺎﺕ، ﺑﺎﻟﻌﻤﻞ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻨﻬﻮﺽ ﺑﺮﻓﺎﻩ ﺍﻹﻧﺴﺎﻥ، ﻭﺣﺮﻳﺘﻪ ﻭﺗﻘﺪﻣﻪ ﻓﻲ ﻛﻞ ﻣﻜﺎﻥ، ﻭﺗﺸﺠﻴﻊ ﺍﻟﺘﺴﺎﻣﺢ ﻭﺍﻻﺣﺘﺮﺍﻡ ﻭﺍﻟﺤﻮﺍﺭ ﻭﺍﻟﺘﻌﺎﻭﻥ ﻓﻴﻤﺎ ﺑﻴﻦ ﻣﺨﺘﻠﻒ ﺍﻟﺜﻘﺎﻓﺎﺕ ﻭﺍﻟﺤﻀﺎﺭﺍﺕ ﻭﺍﻟﺸﻌﻮﺏ .
و من الطبيعي أن تكون للحروب القائمة هنا وهناك، ﻭﺍﻹﺭﻫﺎﺏ الذي يضرب العالم، ﻭما يقترفه جيش الاحتلال الإسرائيلي في فلسطين من ﺠﺮﺍﺋﻢ ﺿﺪ ﺍﻹﻧﺴﺎﻧﻴﺔ، إضافة إلى ما تعرفه بعض المناطق من عمليات ﺍﻟﺘﻄﻬﻴﺮ ﺍﻟﻌﺮﻗﻲ ﻭﺍﻟﺘﻤﻴﻴﺰ ﺿﺪ ﺍﻷﻗﻠﻴﺎﺕ.. تداعيات خطيرة تضرب في العمق مفاهيم التسامح بل وتغذي للأسف ثقافة التسلط و الهيمنة .
و من الملفت للنظر في بلادنا ان تمة جهود حقيقية لبلورة قيم التسامح و تطبيقها على أرض الواقع بحيث تكاد ﺍﻟﺮﺳﺎﺋﻞ ﻭﺍﻟﺨﻄﺐ ﺍﻟﻤﻠﻜﻴﺔ ﺍﻟﺴﺎﻣﻴﺔ ﻻ ﺗﺨﻠﻮ ﻣﻦ ﺍﻟﺘﺄﻛﻴﺪ ﻋﻠﻰ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻨﺴﻖ ﻣﻦ ﺍﻟﻘﻴﻢ ﺫﺍﺕ ﺍﻟﺒﻌﺪ ﺍﻹﻧﺴﺎﻧﻲ، و ذلك ﻣﻦ ﺧﻼﻝ عدة ﻣﺒﺎﺩﺭﺍﺕ ﻣﻠﻤﻮﺳﺔ ﻟﻴﺲ ﺃﻗﻠﻬﺎ ﺗﺴﻮﻳﺔ ﺃﻭﺿﺎﻉ ﺍﻟﻤﻬﺎﺟﺮﻳﻦ، ﻏﻴﺮ ﺍﻟﺸﺮﻋﻴﻴﻦ ﻭﺍﻟﻼﺟﺌﻴﻦ ﺍﻟﻔﺎﺭﻳﻦ ﻣﻦ ﻭﻳﻼﺕ ﺍﻟﻔﻘﺮ ﺃﻭ ﺍﻟﺠﻮﻉ ﺃﻭ ﺍﻻﺿﻄﻬﺎﺩ ﺃﻭ ﺍﻻﻓﺘﺘﺎﻥ ﺍﻟﻌﻘﺎﺋﺪﻱ ﺃﻭ ﺍﻟﺤﺮﻭﺏ .. و هذا ما جعل المملكة المغربية تعد بلدا رائدا في مجال احترام حقوق اللاجئين والأقليات، الأمر الذي مكن المغرب من أن يكون ﻣﻼﺫﺍ حقيقيا ﻟﻼﺳﺘﻘﺮﺍﺭ ﻭﺍﻟﺘﺴﺎﻣﺢ ﻓﻲ ﺍﻟﻘﺎﺭﺓ ﺍﻹﻓﺮﻳﻘﻴﺔ و ذلك بشهادة كبار رجال السياسة في أمريكا و دول أروبا الغربية .
و عموما ، يجب على منظمات المجتمع المدني أن تشجع على نشر ثقافة التسامح من خلال تبني مشاريع وأنشطة من شأنها اقتلاع أفكار العداء والكراهية داخل أوساط الشباب وتربية الناشئة على قبول الرأي و الرأي الآخر وعدم التعصب للأفكار أو محاولة فرضها بالقوة .
وإن ﺃﻗﻮﻯ ﺿﻤﺎﻥ ﻟﻠﺒﺸﺮﻳﺔ ضد الكراهية واللاتسامح ﻳﻜﻤﻦ ﻓﻲ ﻭﺟﻮﺩ ﻣﺠﺘﻤﻊ ﻣﺪﻧﻲ ﻧﺸﻂ ﻳﺮﺍﻋﻲ ﺣﻘﻮﻕ ﺍﻹﻧﺴﺎﻥ إلى جانب بروز إﻋﻼﻡ حر وملتزم .
يبقى أن نشير على أن أبسط طريقة لتعلم فن التسامح هو الاعتراف بالخطأ وعدم التمادي في الأخطاء، كما أن الشعور بالذنب والتماس العفو يدفع باتجاه الصفح وطي صفحة الماضي ويبعث على الأمل في غد أفضل حيث التعايش و السلام .
ﻭ لقد صدق ﺍﻟﺸﺎﻋﺮ إذ ﻳﻘﻮﻝ:
ﻳﺴﺘﻮﺟﺐ ﺍﻟﻌﻔﻮ ﺍﻟﻔﺘﻰ ﺇﺫﺍ ﺍﻋﺘﺮﻑ ☆☆ﻭﺗﺎﺏ ﻋﻤﺎ ﻗﺪ ﺟﻨــﺎﻩ ﻭﺍﻗﺘﺮﻑ .