عبثيات القهر الممنهج !!
د. سعيد ألعنزي تاشفين
في الوقت الذي توظف الجزائر المغرب لتقوية جبهتها الداخلية لدرجة نجحت في خلق بروباغوندا شاملة عبر كل المستويات من خلال التحريض ضد المغرب و تجييش الشعب الجزائري عن بكرة أبيه ، نجد الحكومة المغربية تتجه يوما عن يوما نحو التضييق الغريب على المغاربة باسم سوء فهم الأمن الصحي ، رغم أن كل المغاربة منخرطين بإيجابية منذ مارس 2020 في التعبئة الوطنية ضد القوة القاهرة ، مقدمين كل ما بوسعهم لحماية الصحة العامة ، حتى إن المغرب قدم درسا ناجحا للعالم من مدخل التآزر المغربي – المغربي .
وإذا كان الأمن الصحي يطالب الجميع مغربيا بالإنخراط الفعال في كل عمليات الوقاية، بما في ذلك وضع الكمامة و احترام مسافة الأمان والالتزام بكل شروط النظافة، فإن الضغط الحكومي، الذي يزداد يوما عن يوما عبر كثير من القرارات البيروقراطية المتعسفة التي تخدش كرامة المواطن وتنتهك حرمة المواطنة عبر تعليقها من باب الرعاية الصحية المشروطة بمنطق شروط إذعان، يثير أكثر من سؤال مقارنة مع غيرنا من دول المعمور عامة وبالمحيط الإقليمي تحديدا .في مصر نجد قطاع السياحة بدأ يتعافى وتستقطب منتجعاتها أعدادا متزايدة من السياح من مختلف بقاع العالم، في الوقت الذي تتجه حكومتنا هنا إلى تشديد شروط الدخول للمغاربة المقيمين بالخارج ! السوريالية تتعمق عندما يتأكد أن وزارة الصحة العاجزة عن بلورة مستوى القطاع الذي يعيش في كنف تراجعات ملحوظة لدرجة أن القطاع الخاص يستنزف جيوب المستضعفين من مرضانا ، تستمر في الضغط من أجل فرض التلقيح قهرا وهو ما يجعلنا على نقيض توصيات المنظمة العالمية للصحة و كل الأعراف الدولية بحيث إن فرض التلقيح كان مرة وحيدة في التاريخ عام 1904 وهو ما رفضته محكمة فرجينيا أنداك . ومن فضائل حكومتنا العجيبة التوجه نحو إحصاء الملقحين من غيرهم في الإدارات العمومية بما يؤكد أن كثيرا من الأمور ليست على ما يرام ، و من مرأى وسمع من النقابات و المنظمات الحقوقية . فكيف تسمح الحكومة لنفسها أن تمارس القهر، و كأن التلقيح من ثوابت الدولة ! ترى متى توافقنا على أن التلقيح وما يرافقه من إجراءات غير قابل للنقاش بتعسف من الحكومة التي تحنّ إلى زمن » كل ما من شأنه » على أنقاض كل ما راكمه المغرب على درب الدمقرطة و حقوق الإنسان .
الجبهة الداخلية تتعرض للقصف المباشر مع حكومة الأمل المفقود الذي مات في المخاض، لدرجة ما فتئ كل قرار يتبعه قرار أنكى، بما يميّع كل الفرص المتاحة لضمان ما يميز المغرب إفريقيا و عربيا من سلم و هدوء . لقد ضاقت كل السبل أمام منطق القهر الذي يشرعن فكرة » السخرة الفيودالية » التي تمارٓس على حساب التحسن الحاصل ونضج المجتمع وإيمانه بالوطن وثوابته، وما الحماس الشعبي أثناء المبارة مع الجزائر سوى تجل للوعي الوطني المفعم بالوطنية. ومن أسف تأبى الحكومة إلى أن تؤكد على أن صحتنا تهمّها أكثر منا غير مبالية بما يقال هنا وهناك من لدن أطباء ومتخصصين رافضين للتماهي مع موجة الريح العاتية التي تريد أن تلطخ المعمور بالإكراه المبتذل . فألا يليق بنا ، أمام هول الرعب الذي لزمنا منذ وصول لهيب الجائحة ، أن نخفف من وطأة الحديث عن هذا الفينومين لحظة بلحظة بقنواتنا حتى أصيبنا بالاكتئاب والوسواس القهري و السادية ، و كأننا بعد نهاية هذه الجائحة ، التي حتما لن تنتهي ، سنحتاج إلى صندوق وطني لدعم المرضى النفسيين الذين هم من مخلفات الرعب الفيروسي العجيب . و نعتقد أن المغرب الذي كان تاريخيا رمزا للحكمة بمقارنة مع كل الدول الإفريقية إنتهى به المطاف تحت إمرة حكومة الأمل المخصي إلى إنتاج القهر بقرارات غريبة تخدش كرامتنا وتلطخ جدوة الأمن فينا، وحتى إن ممارسة الفرض والإكراه بهذا الشكل بكل موضوعية غير مناسب. وعليه ، من موقعنا الحقوقي و الفكري ، ندعو كل حكماء الوطن إلى التدخل لترك الاقتصاد يتعافى ولمنح فرصة عمر لهذا الشعب الأبي حتى ينعم بقليل من الهدوء بعيدا عن خطابات العنف الرمزي الذي يحتلّ كل المنصات الإعلامية باسم القهوة القاهرة . فالتعبئة بكل قنوات القطب العمومي مطلوبة لكن دون مبالغة لدرجة التخمة التي يتم لها حتما تداعيات بسيكولوجية وخيمة ، خاصة أن منظمة الصحة العالمية تميز في سؤال الصحة بين ثلاثة مستويات : الصحة الفسيولوجية والصحة البسيكولوجية والصحة الاجتماعية. بمعنى أن اهتمام وزارة الصحة بالصحة الفسيولوجية على حساب إقصاء الصحة البسيكولوجية والاجتماعية يبرز الخرق الكبير الحاصل باسم حماية الصحة لصالح تخريبها .
و ختاما حفظ الله مغربنا الحبيب من القوة القاهرة ومن مسؤولي قلة الحكمة وتهور التماهي مع الريح العاتية .