هوى الأحباب

هوى الأحباب
شارك

بقلم : عبدالحق الفكاك

ليس سويا من يعتقد بأن بالإمكان العيش بلا أحبة، يتقاسم وإياهم فرح الحياة وحزنها، لاشك أنه مصاب بأسوأ أمراض القلب، وحتى إن كان يعتقد بأنه يقوى على مواصلة العيش بلا أحباب ولا أصحاب، فسيكون كما لوكان يتسلق جبلا بلا حبال، كلما ارتفع نحو القمة اختل توازنه، وزادت حاجته إلى الهواء، فإن لم يمت اختناقا، هوى إلى الأسفل !

من المؤكد أن الحياة لا تستقيم بدون أناس نسعد لرؤيتهم بجانبنا، بل إن النفس الإنسانية تشيخ قبل أوانها، إذا ما رحلوا عنا الأحباب والأهل إلى دار البقاء، وتركونا وحيدين، نواجه غربة الدنيا وقساوتها، ونقتات على بقايا لحظات عشناها معهم، تكاد لا تنسى بسهولة.

إنها الذكريات بحلوها ومرها .. الذكريات التي تؤرقنا ليل نهار، وقد تطفو على السطح أو تبقى عالقة في عمق الذاكرة، لاهي ماتت كأصحابها، ولاهي تركتنا نعيش بعدهم قدرنا الحزين: إنه التذكر الذي ينخر أجسادنا في غيابهم، يوما بعد آخر.

وأي عذاب أشد كالذي تشعر به اذا كان أحباءك كثر، لكن باعدت بينك وبينهم المسافات أو فرقتكم مشاغل الحياة اليومية .

فظيع حقا هو الموت عطشا في البحر، ولعل أتعس الناس هو من يتجاهل حنين الشوق إليهم أو يتجلد بصبر وعنفوان، فيتجرأ يوما ويدعي موتهم ليدفنهم جميعا في مقبرة الذاكرة، ظنا منه أنه سينسى ويرتاح بالمرة .

والحقيقة أن كلمة بسيطة عبر الهاتف أو لقاء بالصدفة، قد يجعل العواطف تتأجج، فتهتز المشاعر وتنهار، فما هي إلا لحظة واحدة فإداهم يبعثون من جديد كالفراش المبثوث .

إن الناجحين حقا في حياتهم ليسوا دائما من يكسبون الأموال الطائلة ولكنهم أولئك الذين يكسبون قلوب الناس ويجمعونهم حولهم بالكلمة الطيبة والحب الكبير .

أما الآخرون ممن تستهويهم الثروات والجري وراء الملذات، فأولئك قد ماتت قلوبهم، وهم للأسف يعيشون كالأشباح، لا يعرفون للحياة معنى، ولا يتذوقون طعم السعادة أبدا .

 وربما الواحد منهم انتهت به الدنيا وهو قابع على سرير اليأس ملتحف ببرودة الموت، وما هو بميت..

هم الأحبة شجرة الدفء والحنان، هم حقا زادنا الذي لا غنى لنا عنه، لا حياة تستقيم بدونهم والقلب لبعدهم: قفر مهجور .

 وإلى أن نلتقي بهم تبقى الأشواق تقضم وحشتهم وتترك في النفس شعلة من نار تزداد اتقادا.

admin

Laisser un commentaire

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée. Les champs obligatoires sont indiqués avec *