تدبير الشأن العمومي بجماعة سطات بالعراك
فؤاد الجعيدي
ما حدث من عراك، واحتكاك بالأجساد وتشابك بالأيدي، في جماعة سطات، أمر غير مقبول إطلاقا، ولا يسعنا سوى إبداء عبارات الحزن والأسف على الواقعة..
لقد كانت لها مؤشرات في لقاءات سابقة، والتي شكلت المقدمات لما تداولته وسائل التواصل الاجتماعي، وهو ما يعطي انطباعا عن التبخيس للسياسة في أعين الناس، حيث النخب التي عهد لها بتدبير أمور مدينة متعبة، تصل إلى هذا التعاطي غير الإنساني، وهو أمر جد مقلق وجب الإسراع بتطويقه واحتوائه..
لا يهم فيما وقع الاختلاف حوله في التقدير، وهو أمر طبيعي في كل المجالس الجماعية، حيث توجد معارضة وأغلبية، لكن ما وقع يشد عن أي قاعدة للتحليل السياسي، ففي أوج السنوات التي كانت فيها المجالس تدين بالولاء المطلق للراحل ادريس البصري، لم يحدث أن وصل التدافع بالأعضاء، إلى استخدام القوة في مكان يتمتع بالحرمة باعتباره مؤسسة لها من الوسائل القانونية ما يكفي لتدبير الخلافات، ولها أكثر من كل هذا سلطة وصية يمكن الاحتكام عندها، وقضاء إداري يمكن اللجوء إليه لاسترداد الحقوق..
لكن ما وقع، نقولها بكل صراحة، أمر لا يشرف أصحابه، والذين يسمحوا لنا بالقول، أنهم أضروا بمصلحة المدينة ومواطنيها ونخبها وسلطاتها، والأمر غير مشرف ووجب فيه إعمال القانون حتى يتضح الخيط الأبيض من الأسود.
باتت هناك رؤى ضيقة تتحكم في بعض المستشارين، وبات البعض يلجأ لما يشبه (المساومات) عن الحقوق ويعترض عليها، ويقبل هذا الطرف ويرفض طرفا آخر من النسيج الجمعوي باعتبارات يحز في النفس التعرية عليها.
وجب أن يكون المجلس قويا وجريئا، في استحضار المعايير التي على يقع أساسها، التصنيف وليس الاعتماد على منطق جبر الخواطر، ولكأننا نعيش زمن العشائر، التي كانت تتطاحن لعقود على أتف الأشياء.. وهي سلوكات تبتعد عن مقتضيات المجتمع المدني الذي يعزز الحقوق ويتعاطى معها خدمة لمثل العدالة الاجتماعية وحكامة التدبير..
لقد اقترحت في موضع سابق، أن تتعاقد جماعة سطات مع جامعة الحسن الأول، من أجل برنامج تكويني، لفائدة السادة والسيدات المستشارين من أجل تفهم التدبير الجماعي وفق النظم الحديثة، وسنجني فائدة عظيمة أن تكون لنا نخب واعية ومدركة لمسؤولياتها وأمانتها في تدبير شؤون مدينة، لها الخصاص والعوز ما لا يعد ولا يحصى..
مدينة تقع اليوم وللأسف الشديد رهينة للتطاحن الأعمى الذي لا يذر ولا يبقي على أخضر ولا يابس.