مداخلة الأستاذ محمد الدرويش في الندوة الدولية من التربية الدامجة إلى المجتمع الدامج. أي مسارات ممكنة؟

مداخلة الأستاذ محمد الدرويش في الندوة الدولية  من التربية الدامجة إلى المجتمع الدامج. أي مسارات ممكنة؟
شارك

محمد الدرويش

رئيس مؤسسة فكر للتنمية و الثقافة والعلوم

الرباط في 30 مارس 2022

ايتها السيدات أيها السادة

مساؤكم سعيد وحللتم اهلا وسهلا وشكراً لكم بدءاً على حضوركم أشغال هاته الندوة الدولية  تلبية لدعوتنا.

أما بعد،

باسم الله نفتتح أشغال هاته الندوة المباركة بحضوركم ودعمكم واهتمامكم والمنظمة بأبعاد مغاربية وعربية بحضور جمهورية تونس وجمهورية مصر في ارض مغاربية افريقية عربية متوسطية ارض السلام والمحبة والاخوة والاطمئنان فمرحبا بضيوفنا الاعزاء.

ايتها السيدات ايها السادة

يتم تنظيم هاته الندوة الدولية  في موضوع:

من التربية الدامجة الى المجتمع الدامج: أي مسارات ممكنة

بمناسبة اليوم الوطني للإعاقة الذي يصادف الثلاثين من مارس من كل سنة وهو اليوم الذي وجب فيه على مدبري ومهتمي الشأن العام حكومة ومجالس منتخبة، وتنظيمات سياسية وحقوقية ومدنية تقديم تقييم حقيقي لأوضاع الاشخاص ذوي الاعاقة ما انجز وما لم ينجز وما هي الاكراهات والصعوبات التي تعترض تنفيذ ما يتم التخطيط له وكيف السبل الى تحسين اوضاع الاشخاص ذوي الاعاقة وبهذا المنظور ومن هذا المنطلق تنظم مؤسسة فكر للتنمية والثقافة والعلوم بشراكة مع جمعية جهات المغرب ومساهمة مؤسسات دستورية وحكومية ومدنية بغية اظهار قضايا الاشخاص ذوي الاعاقة وتجديد اخراجها للنقاش العمومي لتكون اولوية من اولويات القائمين على تدبير الشأن العام لما لها من انعكاسات اجتماعية واقتصادية وتنموية بأبعادها الوطنية والدولية.

     لقد بذل المغرب مجهودات قيمة تشريعا منذ سنة 1999 والتي ترجمها منطوق الخطب الملكية السامية نذكر منها ما جاء في خطاب جلالة الملك محمد السادس بمناسبة عيد العرش في 30 يوليوز 2002 اذ قال جلالته:

( ونجدد التأكيد في هذا الشأن على الاهمية الخاصة التي نوليها للأشخاص المعاقين باعتماد برامج مندمجة تؤهلهم للانخراط التام في الحياة العامة من خلال تكوين ملائم يوفر لهم اسباب العيش الكريم) انتهى كلام جلالته.

و كما اكدت عليها المقتضيات الدستورية خصوصا ما تنص عليه المادة 34 تمتيعا للأشخاص ذوي الاعاقة بالحقوق والحريات وتوفير كل ضمانات الحماية ضدا عن كل تمييز وكذا القوانين المنظمة منها القانون الاطار 97.13 وما تم بلورته في المخطط  الخماسي 2021-2017  للعمل الوطني للنهوض بحقوق الاشخاص في وضعية اعاقة. وكذا مساهمة المملكة المغربية في الاعداد لاتفاقية حقوق الاشخاص ذوي الاعاقة دوليا وعربيا وافريقيا. وبذلك تكون المملكة المغربية اولت اهتمامات خاصة بالسياسات الاجتماعية والتي سجلت تحولات نوعية من خلال المشاريع التنموية استنادا الى كون التنمية مدخلا من مداخل حقوق الانسان.

علما ان  وضعيات اغلب الاشخاص ذوي الاعاقة تظل  تسائل السياسات العمومية في بلدنا اذ لم تسعفهم المقتضيات الدستورية والقانونية من ضمان الحقوق كاملة  سياسيا واجتماعيا واقتصاديا وثقافيا وهو الامر الذي رصدته تقارير وطنية ودولية في تناقض مع منطوق دستور المملكة والذي يؤكد في المادة 34 منه على السلطات العمومية ان تقوم ب (وضع و تفعيل سياسات موجهة الى الاشخاص والفئات من ذوي الاحتياجات الخاصة ولهذا الغرض تسهر هذه السلطات خصوصا على ما يلي:

– معالجة الاوضاع الهشة لفئات من النساء والامهات والأطفال والاشخاص المسنين والوقاية منها.

– اعادة تأهيل الاشخاص الذين يعنون من اعاقة جسدية او حسية حركية او عقلية وادماجهم في الحياة الاجتماعية والمدنية وتيسير تمتعهم بالحقوق والحريات المعترف بها للجميع).

وانطلاقا من هذا التطور والمسارات ايجابا وسلبا حاولت القطاعات الحكومية ملاءمة مجالات تدخلها وبرامجها للانتقال من منطق خيري صرف الى منطق الحقوق والحريات في المجالات السياسية والاجتماعية والاقتصادية والبيئية والثقافية بغية تمكين الاشخاص ذوي الاعاقة من الاستفادة الكاملة من خدمات التربية والتكوين والصحة والادماج المهني والمجالات الترابية.

ومما لا شك ان كل مسؤولي المؤسسات الدستورية من مجالس وحكومة ومنتخبين وفاعلين مدنيين وسياسيين راضون عن المستويات التشريعية التي بلغتها المملكة والمستوى الرفيع لنصوص الدستور والقوانين والمراسيم وغيرها وفي المقابل اغلبهم غير راض عن مستوى تحقيق تلك المشاريع القائمة على هاته النصوص مما يجعلنا نسال عن السبب في الهوة الموجودة بين التشريع و التنفيذ و ما الذي يتسبب في كون اغلب المشاريع لا تبلغ مداها ولا اهدافها المسطرة على الورق. صحيح ان الترسانة القانونية والتنظيمية الخاصة بقضايا الاشخاص ذوي الاعاقة غير مكتملة بسبب عدم صدور المراسيم التطبيقية اساسا وعدم شموليتها وما يقال عن الجوانب التشريعية يقال عن الموارد البشرية المنفذة للمشاريع سواء ارتبط الامر بالقطاعات الحكومية ام بالمجتمع المدني الامر الذي يمكن اختصاره في انعدام الاختصاص عند اغلب هؤلاء مع تسجيل كثرة القطاعات والتنظيمات المدنية المتدخلة في المجال وغياب رؤية استراتيجية شاملة وشمولية وموحدة للمجال مما يؤدي الى عدم بلوغ كل الاهداف المرجوة من هاته المشاريع.

السيدات والسادة الافاضل.

ننظم هاته الندوة في ظروف وطنية ودولية عصيبة فعلى المستوى الوطني نعيش انعكاسات كوفيد 19 اقتصاديا واجتماعيا الشيء الذي زاد من بروز فوارق اجتماعية بين المواطنين عموما وبين الاشخاص ذوي الاعاقة خصوصا اذ زادت هاته الانعكاسات السلبية من  معاناة  مجموعة كبيرة من الاشخاص ذوي الاعاقة بل ان هاته الانعكاسات الاجتماعية والنفسية والاقتصادية اكدت بما لا يدع شك اننا جميعنا ذوو الاحتياجات الخاصة.

واما دوليا  فالعلاقات الدولية المتوثرة والتي انتهت بشن روسيا الحرب على اوكرانيا وما تخلفه من ويلات ودمار انساني في المنطقة بل انها  تمس دول اخرى بسبب التبادلات التجارية بين هاته الدول وباقي دول العالم ومنها المغرب. حرب ستجر الويلات على كل دول العالم بسببها وبسبب  المخاض الذي يعيشه العالم من الناحية جيوسياسية. وهاته اوضاع ستؤثر لا محالة على دول العالم ومنها المغرب طبعا اقتصاديا واجتماعيا وسيصاب الاشخاص ذوي الاعاقة بآثارها السلبية اجتماعيا واقتصاديا .

ايها الحضور الكريم

مما لا شك فيه ان نجاح  تنفيذ اي استراتيجة  وطنية للنهوض بحقوق المواطنات والمواطنين في وضعية اعاقة تتطلب بذل مجهود جماعي تنخرط فيه كل المؤسسات والقوى في اطار مقاربة تشاركية بين القطاعات الحكومية المعنية ومكونات المجتمع المدني المختص والمجالس المنتخبة من اجل تجاوز كل الاكراهات والمعيقات التي تحول دون التنفيذ الجيد للمشاريع والبرامج والتي تضمنها مخطط العمل الوطني 2017ـ2021 ولا بد هنا من التذكير بان الحاجات التي تحضى بالأولوية لدى الاشخاص ذوي الاعاقة تظل هي المجالات الاجتماعية الصحة و التعليم و السكن و الشغل و توفير شروط وظروف الحياة الكريمة مما يجعلهم يتمتعون بالحقوق والحريات. ولن يتحقق ذلك إلا بتضافر جهود الجميع وبالحرص على المزاوجة بين الابعاد الاستراتيجية والترابية عبر التنفيذ الصارم لمقتضيات الجهوية المتقدمة واللامركزية واللاتمركز-  ومن هذا المنطلق نوجه نداء  باسمكم  جميعا الى الفاعلين القائمين على تدبير الشأن العام حكومة ومنتخبين ومدنيين واقتصاديين  بايلاء هاته الفئة عناية خاصة تضمن الحقوق و العيش الكريم و تسهل ادماجها الفعلي في كل البرامج التنموية و نقترح مجموعة من الاقتراحات التي ستصدر عن اشغال هاته الندوة عبر توصيات نذكر منها التفكير في انشاء صندوق خاص بالمشاريع المرتبطة بالأشخاص ذوي الاعاقة يمول مثلا من الشركات الكبرى وكذا من نسبة من 1 الى 10 في المائة من  مداخيل كل ورقة سفر عبر الطائرة و عبر البواخر…

admin

Laisser un commentaire

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée. Les champs obligatoires sont indiqués avec *