السلطة العمومية بالدار البيضاء آنفا تحتفل بالذكرى 17 لانطلاق المبادرة الوطنية للتنمية البشرية على هواها
فؤاد الجعيدي
لقد حظيت المبادرة الوطنية للتنمية البشرية، منذ انطلاقتها قبل 17 سنة بعطف مولي خاص من طرف عاهل البلاد محمد السادس، وأن عمق هذه الفلسفة، ظل يتوخى تنمية الناس بواسطة الناس من أجل الناس، ومن أجل التصدي للعوامل المنتجة للهشاشة داخل الأوساط الشعبية والتي ظلت مقصية طيلة عهود، من المشاركة الواسعة في النسيج السوسيو اقتصادي.
وبالفعل كان لمجمل المبادرات، التي عرفتها بلادنا في برامج المبادرة الوطنية للتنمية البشرية، بالغ الأثر على العديد من الأفراد وحققت لهم الإدماج الاجتماعي.
لكن لنقلها صراحة، بعد 17 سنة، هل اكتسبنا الجرأة على طرح الأسئلة التي تفيدنا في مواجهة الواقع بكل تجلياته الظاهرة والخفية، أملا في الانتصار للمستقبل الذي نعمل على تشيده وتجاوز حالات الخصاص الصعبة والهشاشة المقلقة، وتضييق فجوة الفوارق الاجتماعية الصارخة.
كان هذا هو الأمل المعقود، لكن السلطات العمومية بآنفا شدت عن هذا الخيار وذلك بالقيام بعملية انتقاء وسط الفاعليين الجمعويين حيث سمحت لهذا الطرف بالحضور واستثنت أطرافا أخرى، وهي استثناءات لا مبرر لها في الواقع وغير واضحة إلا عند القيمين على هذا القرار.
ولا أدري لماذا لا زلنا نقوم بهذه السلوكات ولكأني بهم يصرون على أن تكون اللقاءات عابرة، وليس محطات للتقييم والبحث في مواطن الضعف التي واجهت البعض، وعملت على فشل مشاريعهم.
كان من الأجدى أن تحضر كل التجارب وهي الخزان المثمر لاستنتاج الخلاصات الواقعية، لكن هذا الاتجاه لا زال مغيبا في إدارة الشأن العمومي.
لم أفهم لماذا الاستثناء شمل جمعيات راكمت على مدى عقود خبرات احترافية؟ ولماذا السلطات لا زالت تتمنع بوصايتها على أن لا يكون المجال مفتوحا أمام كل التجارب والطاقات، وتهيئ الشروط والظروف الموضوعية لتطارح الأفكار والتجارب.
ولا أحد يمكنه الشك في فضائل النقاش العمومي المسؤول والواضح إلا جاهل أو جاحد؟
