تأملات فكرية في السلوك الانتخابي

تأملات فكرية في السلوك الانتخابي
شارك

حميد المُعْطَى

إن « العزوف السياسي كمفهوم يختلف عن العزوف الانتخابي، بحيث أن كثيرين لا يميزون بينهما، ومن الخطأ الاعتقاد بأن المجتمع المغربي لا يتابع الشأن العام، وغير مواكب للأحداث السياسية، أو أنه عازف عن المشاركة السياسية بمفهومها العام، بل بالعكس هناك اهتمام ومواكبة « لكن هناك ما يمكن أن نسميه بالاهتمام الحذر، في ظل غياب شروط بناء ثقة بين المواطن ومؤسساته، وهو ما يجعل المواطنين يعزفون عن الانتماء إلى الأحزاب السياسية، التصويت ، الترشح في الانتخابات وغيرها من مظاهر المشاركة السياسية الرسمية . »

إن أسباب هذا العزوف السياسي، أي العزوف عن المشاركة السياسية الرسمية، تعود إلى أسباب كثيرة، منها تأثير طبيعة التنشئة السياسية المتأثرة ببيئة غير مشجعة على الانخراط في العمل السياسي، خاصة في ظل وجود انطباع عام بلا جدوى المشاركة، وهو الانطباع أو الإحساس الذي تزكيه أعطاب بنية النسق السياسي على أكثر من مستوى..

إن خطورة العزوف السياسي تتمثل بالأساس، في أنها تتناقض مع الديمقراطية، ذلك أن روح الديمقراطية هي المشاركة السياسية، وكلما توسعت نسبة المشاركة وتوسعت المكونات المنخرطة في العملية السياسية، كلما كانت روحها مشتعلة، وكلما تم إقصاء مكونات معينة من الدخول في المجال السياسي، أو كانت العملية السياسية شكلية أو غير ذات مصداقية، إلا وكانت نسبة المشاركة والاهتمام بالعملية السياسية ضعيفا، ، إن الناس تشارك حين ترى أن هناك نفعا يعود عليهم، والعكس يدفعهم للعزوف، لأن المواطن يطرح سؤال جدوى المشاركة في مسار يعيد إنتاج نفس الواقع.

ويمكن تلخيص أهم أسباب العزوف الانتخابي، في عدة عوامل أهمها:

*ضعف آليات إفراز النخب و تأطيرها وفقدان الثقة في الأحزاب والنقابات لما تعرفه من طابع تقليدي في استقطاب المواطنين وهو ما يبلور فكرة أساسية بأن المواطن ليس عازفا عن الممارسة السياسية، بقدر ما هو عازف عن ولوج الأحزاب السياسية باعتبارها الآلية الرئيسية في تفعيل المشاركة

*ندرة التكوين والتأطير الفعلي للمواطنين، ضعيفي الإلمام والاهتمام بالحقل السياسي مما يترجم غياب استراتيجية واضحة للمساهمة في الحياة السياسية عموما.

* الوعود الكاذبة للمرشحين، غياب الديمقراطية داخل الحزب نفسه، الأخطاء السياسية للأحزاب، والمصالح الشخصية للسياسيين، عدم تمثيل مصالح الناخبين،

وبهذا أصبح الاهتمام ب « العزوف » الانتخابي أهم بكثير من الاهتمام بنتائج الاقتراعات، لأنه مؤشر على الصحة العامة للديمقراطية، ومدى قبولها كنموذج للتسيير من طرف المواطن ومستوى نجاعتها في تقريب المُسَيِّر والمُسَيَّر، أي درجة رضى المحكوم عن الحاكم ومردوديته في خدمته والنيابة عنه لتمثيل مصالحه.

*لا يجب انتظار يوم الاقتراع لاكتشاف العزوف عن السياسة، بل نجد أول مؤشر له في عدد المنتمين للأحزاب المتبارية على المقاعد المحددة في الانتخابات، كيفما كانت طبيعة هذه الأخيرة. فالمنخرطون حزبيا، هم الذين يشكلون القاعدة الأساسية لقوة أو ضعف أي حزب. والانخراط يعني من بين ما يعنيه أن المنخرط مقتنع ببرامج الحزب وتصوراته ومثله العليا وطريقة عمله. إنه نوع من الشخصنة بالحزب، أي الانخراط في هوية مشتركة لحزب ما، ويقود هذا إلى التأكيد بأن « الحملات الانتخابية » تبدأ بوقت أطول بكثير من موعد الانتخابات. والتحدي الكبير لجميع الأحزاب المغربية، هو بالضبط إقناع أكبر عدد ممكن من المواطنين للانخراط في صفوفها، بما أن الممارسة الديمقراطية تحتم ذلك. ولهذا الإقناع واجهتان: تتمثل الأولى في الشرح المستمر لاستراتيجية الحزب، أي الالتزام المستمر بالرجوع إلى قاعدة الحزب، كأداة لمشاركة المنخرطين في بلورة هذه الاستراتيجية، وبالتالي تحميسهم على تحمل مسؤولياتهم والانخراط في العمل الإجرائي في المجتمع.

 * من الأكيد كذلك أن التمثل السلبي لكل الأحزاب من طرف الناخب، يساهم مباشرة في تعزيز العزوف عن الإدلاء بالصوت من طرف الكثير من الناخبين. فقد مُسحت الحدود الطبيعية في أيديولوجيات الأحزاب، بل تم نوع من التماهي بينها يقود إلى صعوبة التمييز بينها.

 فالتمييز التقليدي بين اليمين واليسار مثلا لم يعد واضحا بسبب ما يسمى بالتناوب التوافقي وما بعد التناوب التوافقي.

*إن العزوف عن الإدلاء بالصوت ل 47 في المائة من الناخبين، أي ما يفوق سبعة ملايين مواطن، هو ظاهرة من اللازم على الأحزاب أخذها محمل الجد، لأنها تعبر بالواضح عن فشلها مجتمعة، في إقناع المواطنين للمشاركة في دمقرطة مؤسسات الدولة. ويمكن اعتبار العزوف هنا نوعا من المقاطعة وورقة إنذار لكل حزب يأخذ مسؤوليته السياسية محمل الجد. لا يحق للأحزاب الاستمرار في « كبت » هذا المعطى، لأنه ناقوس خطر، من اللازم أخذه في باعتباره من المؤشرات المهمة على نجاح الأحزاب أو فشلها.

د:إن ضعف اهتمام المواطن بالشؤون السياسية للبلد الذي ينتمي اليه، ينعكس وبصفة مباشرة على ضعف نسب المشاركة في كل عمل سياسي كالانتخابات التشريعية والترابية، مما يكون سببا في اتساع الهوة بين السياسات القطاعية المعتمدة وانتظارات المواطنين »،

*إن تنامي ظاهرة الرشوة الانتخابية، و تفشي ظاهرة الأمية والفقر بشكل لافت للنظر ببلادنا ،وضعف إلمام واهتمام المواطن بالحقل السياسي،  واستمرار العمل بالمنطق الشخصي في التعامل مع القضايا المرتبطة بالحقل السياسي، الشيء الذي أجهز على مبدأي الشفافية والمساواة بين المواطنين في التنافس والتباري على مواقع المسؤولية السياسية المواطنة ;

لقد شكلت مجمل الأسباب السالف ذكرها ،نقطة سوداء أثرت وبصفة أوتوماتيكية على مردودية الحقل السياسي ببلادنا، الأمر الذي يمكن تلخيصه في فقدان المواطن الثقة في الأحزاب السياسية واعتبارها مجرد مؤسسات فارغة المحتوى لا تعبر الا عن نفسها، .حيث أصبح لزاما على القائمين على الفعل السياسي ببلادنا، اعتماد مقاربة جديدة من أجل استقطاب وتأطير المواطنين ،مقاربة تعنى في جوهرها بتضمين انتظارات المواطنين الحية في البرامج الحزبية، التي يجب تغييرها وتنميطها وبانتظام مع واقع عالم العولمة المتغير يوما بعد يوم، وبالتالي يمكننا القول بأن اصلاح المنظومة السياسية ببلادنا، لا يمكن أن يتم أو ينجح في معزل عن انشغالات المواطن المغربي، ذلك لأن المواطن يعتبر نواة المجتمع الصلبة التي لا يمكن تجاهلها في أي مشروع اصلاحي كيفما كان نوعه.

ومع التذكير بالأسباب السياسية الهيكلية أو الظرفية للعزوف الانتخابي سواء كان جماعيا أو فرديا إراديا أو لاإراديا فإن  السلوك الانتخابي يسائلنا  » كيف ولماذا يصوت الفرد لمرشح أو لحزب أو لنقابة أو لتنظيم معين؟ وكيف يصوت ولماذا يشارك الفرد في الانتخابات ولماذا يمتنع عن المشاركة في الانتخابات؟

ولأن هذا السلوك مرتبط بالإنسان الذي له ميول وتوجهات، فلابد أن يمتلك صفة عدم الثبات نتيجة تقلب سلوك الناخب وتغيير الجهة التي يصوت لها وهنا نكون امام اتجاهين للسلوك الانتخابي هما:

اتجاه ايجابي: أي المشاركة الفاعلة في الانتخابات، أو القيام بالترويج بمختلف الطرق للجهة التي يتبناها الناخب والقيام بعملية التصويت سواء كان ذلك عن إيمان بأهمية دوره في التغيير أو الانتماء الى الجهات والاحزاب المشاركة في الانتخابات، أو عن قناعة راسخة بالمرشح وكفاءته القيادية وتوافق أهدافه مع أغراض الناخب وتكاملية العلاقة المنفعية بين الاثنين.

اتجاه سلبي: أي امتناع الناخب وعزوفه عن المشاركة في الانتخابات بأي شكل من الاشكال بدءاً من التسجيل في سجل الناخبين وانتهاءً بالمشاركة في التصويت، وفي بعض الاحيان يقوم بترك ورقته بيضاء أو يقوم بما يبطل تلك الورقة، وهو سلوك متعمد يدركه الناخب ويقوم به عن قناعة، وقد لا يقتصر الأمر على الأفراد بل يتحول إلى امتناع تمارسه الجماعة لعدة أسباب منها:

  • الشعور بعدم جدوى الانتخابات في التغيير.
  • الشعور بالظلم من قبل الأغلبية الحاكمة.
  • قد يعبرون عن آراء احزابهم المعارضة التي لا تشارك هي الاخرى في الانتخابات.
  • تعثر الدولة في توفير ظروف ملائمة تيسر العملية الانتخابية.

وقد يكون الامتناع لغير الاسباب المذكورة ودون عذر مبرر لذلك الامتناع.

كما ان هناك عوامل مؤثرة في السلوك الانتخابي بشكل خاص ومنها:

أ-الاسرة: حيث يعتقد الباحثون أن الأطفال يعتنقون غالبا القيم الايديولوجية التي يؤمن بها آباؤهم إن إيجابا بالتشجيع على المشاركة السياسية، أو سلبا بمنعهم من المشاركة أو الانتماء إلى الأحزاب.

ب-البيئة التعليمية: حيث يؤثر المعلمون والمدرسون في طلابهم وعادةٍ ما يتأثر هؤلاء الطلاب بمعتقدات وأفكار معلميهم ومدرسيهم فمن سن الرابعة حتى الثامنة عشر يقضي الأطفال ما يقرب ربعا من وقتهم منخرطين في العملية التعليمية بالإضافة إلى الممارسة الديمقراطية داخل الفصل أو داخل المؤسسة كالتدريب على الانتخابات للتعاونيات المدرسية أو المكلفين بالقسم، أو ممثلي التلاميذ في مجالس الأقسام، أو المجالس التأديبية اما الدراسة الجامعية فترفع بدرجة كبيرة تأثير الوعي السياسي والتوجيهات السياسية من خلال الاتحادات الطلابية والمنظمات الموازية للأحزاب السياسية في الجامعة وممثلي الطلبة في الأحياء الجامعية والأندية الرياضية والثقافية …الخ ففي دراسة اجريت علم 2004 على1202 طالب في المرحلة الجامعية في جميع انحاء الولايات المتحدة تبين ان 87في المائة من الطلاب الجامعيين مسجلون للتصويت في الانتخابات مقارنة بمتوسط وطني يبلغ 64في المائة من الامريكيين البالغين. كما بيّنت الدراسة أيضاً أن مرحلتي الطفولة والبلوغ في نمو الشخص تتميزان بأعلى مستويات التأثير.

ج-المرجعيات الدينية والاجتماعية: حيث تؤثر بشكل كبير في سلوك الناخب واتجاهاته التصويتية وفقا لطبيعة شخصيته فيما إذا كان ملتزماً دينياً فيتأثر بشكل كبير بآراء الزعامات والمرجعيات الدينية التي يكون لها قوة الالزام الروحي والديني وقد تصطبغ هذه الآراء السياسية ببعد ديني عقائدي عندما تصدر على شكل فتاوى،

د: وسائل الاعلام: حيث تؤثر المؤسسات الاعلامية بشكل كبير جدا في اتجاه الناخبين فيما تمارسه من توجيه مباشر وغير مباشر وبطرق مختلفة وقد اكدت العديد من الدراسات والبحوث، أن تعرض الانسان لوسائل الاعلام يترك اثراً واضحاً على سلوكه الفردي والاجتماعي وهذا يسهم في صقل وتكوين شخصية الفرد من خلال ما تغرسه وسائل الاعلام في نفوس المتلقين (المستقبلين للرسائل الاعلامية) من قيم ومبادئ   بالإضافة إلى أهمية استطلاعات الرأي وتأثيرها على اتجاهات الناخبين

إلا أن من أهم العوامل المؤثرة في السلوك الانتخابي؛ النشأة السياسية للناخب وتعرف النشأة بأنها عملية تلقين الفرد مقاييس ومفاهيم مجتمعه الذي يعيش فيه بحيث يصبح متدرباً على أشغال مجموعة أدوار تحدد نمط سلوكه اليومي وبعبارة أخرى هي العملية التي يكتسب بها الافراد ثقافة مجتمعهم فيكسبون بها المعاني والقيم الخلقية والروحية والاجتماعية والاقتصادية والسياسية والتي يدين بها المجتمع بصفة عامة

ويرتبط السلوك الانتخابي في أي مجتمع بأنماط تكوين ذلك المجتمع (بدوي، عشائري، حضري، ريفي) وكل واحد من هذه الانماط له محددات تنعكس على سلوك الناخب الذي يركز على قضاياه الخاصة. فاهتمامات الفرد في الريف تختلف عن اهتمامات ابن المدينة، وكذلك احتياجاته وثقافته والناخب والمرشح ابن بيئته وهي التي تحدد السلوك الانتخابي والعوامل المؤثرة فيه والذي على اساسه تتحدد نوعية المــشـــاركــة الــسيــاسيــة

إن السلوك الانتخابي في مجتمع البادية يتحدد بوضع الالتزام الاجتماعي للناخب بأبناء قبيلته من المرشحين فالعامل العشائري هو المحرك الأساس لسلوك الناخبين، الذين يركزون على مواضيع وقضايا تهم افراد المجتمع في البادية، وطبيعة الخدمات التي ستقدم لهم وتلتزم بسلوك انتخابي يركز على قضاياه الخاصة والخدمات التي يقدمها المرشح دون أي اهتمام بمستوى طرح المرشح لبرنامج سياسي يتناول قضايا المجتمع بأكمله.

كما أن متغيرات سوسيو- ديموغرافية تؤثر في المشاركة السياسية كالسن والجنس ومكان الاقامة، فقد ينتخب الرجال أكثر من النساء في بعض الأوساط والعكس صحيح في أوساط أخرى أو يميل الشباب الى المشاركة أكثر من كبار السن في دوائر معينة والعكس صحيح قي دوائر أخرى.

والمرشح يجد قاعدته الجماهيرية في بلدته التي له فيها روابط عائلية مقارنة بالمناطق الاخرى حيث ترسم الملامح المحلية المعالم الاساسية لشكل الخارطة السياسية.

إن البيئة الاجتماعية تعتبر أساسية لفهم السلوك السياسي، فالطبقة المثقفة من مفكرين وكتاب لا يمكن أن ينتخبوا إلا من يشعرون أنه فعلاً يمثلهم وكذا الكفاءات العلمية، وما يترتب على ذلك من مؤثرات على السلوك الانتخابي.

وقد ترتبط العملية الانتخابية بمصلحة الناخب سواء كانت مادية أو معنوية آجلة أو عاجلة وقد ترتبط تلك المصلحة بهاجس الأمن والخوف من عدم الاستقرار الأمني بسبب وجود خطر خارجي قد يستثمره المرشح باستغلال هذا الخطر وتوظيفه كعنصر حاسم في الانتخابات بتصوير نفسه القادر على ردع هذا الخطر واتهام منافسيه بالضعف والتردد.

وقد تتعدد صور وأنواع الاغراءات التي يمارسها بعض المرشحين تجاه الناخبين وقد يتكرر هذا السلوك حتى أصبح عادة ثابته في سلوك بعض المرشحين اثناء الحملات الانتخابية وقد يتجلى هذا السلوك إلى اربع صور هي:

  • الهدايا والهبات العينية والنقدية: اذ تم رصد بعض المرشحين من اصحاب رؤوس الاموال والمقاولين وهم يوزعون مختلف انواع السلع على الناخبين بالإضافة إلى مبالغ نقدية بحجة اعانات ومساعدات
  • استئجار المصوتين: ونقصد به قيام بعض المرشحين باستئجار مجموعات كبيرة من الناخبين بعنوان مراقبين في مكاتب التصويت أو مساعدين في الحملة الانتخابية نظير اجر يومي إلا ان الغاية الحقيقية هي شراء اصوات هؤلاء الناخبين وضمان اصوات معارفهم (الأقارب والأصدقاء) وقد أسهم هذه السلوك في فوز معظم المرشحين الذين مارسوه.
  • مارس بعض المرشحين من هم في مراكز القرار بالبلديات والقرويات  سياسة تقديم بعض الخدمات للناخبين خاصة فيما يتعلق بإكساء وترصيف وتحجير وتزفيت بعض الطرق والمسالك وإيصال الماء أو الكهرباء إلى المناطق للمهمشة والنائية  والعشوائية .

هذا بالإضافة إلى المرشحين  الذين يهيؤون للانتخابات باكرا بواسطة الجمعيات الخيرية والإحسانية  وجمعيات الأحياء بتقديمهم الأضاحي بمناسبة عيد الأضحى لبعض العائلات الفقيرة، أو القيام بتحمل تكاليف الجنازات، أو حفلات إعذار الأطفال والدخول المدرسي والمناسبات الدينية وقفة رمضان وحتى قفف الأسواق الأسبوعية.

admin

Laisser un commentaire

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée. Les champs obligatoires sont indiqués avec *