محاولة فهم: لماذا النظام الجزائري يصعد مع المغرب؟

محاولة فهم: لماذا النظام الجزائري يصعد مع المغرب؟
شارك

عبد العزيز شبراط

بقدر ما يمد المغرب يده الى الجزائر من أجل تجاوز الخلافات، والبحث المشترك على الحلول التي ترضي الطرفين وتصنع التنمية وتنتجها للبلدين، ويخط البلدين مسارات التطور واللحاق، بصفوف الدول المتقدمة والكبيرة اقتصاديا، وصناعيا واجتماعيا، بقدر ما يصعد النظام الجزائري ضد المغرب، وينحو منحى الهروب إلى الأمام، أبهذا القدر كله يكره النظام الجزائري جاره المغرب؟

في خطاب العرش الأخير بمناسبة الذكرى 22 لتربع جلالته على عرش أسلافه المنعمين، خاطب ملك المغرب الرئيس الجزائري مباشرة، ودعاه الى اختيار الوقت الذي يناسبه للحوار من أجل فتح الحدود البرية، وكان الرد الجزائري هو الصمت، لكن شاءت الظروف أن تشتعل النيران بمجموعة من الغابات بالجزائر، وبادر المغرب بتقديم المساعدة، حيث أمر جلالته بجاهزية طائرتي  » كنادير » المتخصصة في إخماد الحرائق، وبدء مهماتهما فور قبول السلطات الجزائرية بتلك المساعدة، لكن السلطات الجزائرية فضلت التوجه الى ماما فرنسا التي لم تستجب، لكن الغريب في الأمر، أنه في تلك الفترة اشتعلت الحرائق في مجموعة من الغابات عبر المعمور ( تركيا اليونان …)، وكل تلك الدول اعتبرت اسباب تلك الحرائق هو ارتفاع درجات الحرارة بما فيها المغرب، إلا الجزائر، وحدها أصرت  واعتبرت أن تلك الحرائق تمت بفعل فاعل، وأشارت أصابع الاتهام لكابرانات العسكر إلى المغرب، ويوم الاربعاء الماضي عقد المجلس الأعلى للأمن الجزائري برئاسة الرئيس عبد المجيد تبون، الذي يشغل منصب وزير الدفاع، اجتماعا استثنائيا، ووجه اتهامات خطيرة الى المغرب بالتنسيق مع إسرائيل لضرب استقرار الجزائر وامنها، كما اتهم المجلس ذاته في بيانه تلميحا مفاده أن السلطات المغربية هي من تسببت  في الحرائق التي شهدتها البلاد بتوظيف الحركة الانفصالية القبايليةماك”. وأعلن المجلس عن وجود نية بإعادة النظر في العلاقات مع المغرب، ومن بينها كما أشارت جريدة » أَلْجِيري باتريوتيك » أن الجزائر تفكر في تعليق الخط الجوي الرابط بين الجزائر العاصمة والدار البيضاء، كإجراء ضمن إجراءات إعادة النظر في العلاقات الثنائية، بين الجارين وحرمان الشعبين ( الذين وصفهما جلالته بالتوأم المتكاملين) من تبادل الزيارات، المغرب يمد يده لفتح الحدود البرية، ونظام الجزائر يسعى لغلق الحدود الجوية! أي منطق هذا الذي تعتمده الجارة الجزائر؟ هل هذا منطق يسعى لتنمية البلاد والبحث عن الشراكات وتوسيع مجال التعاون لمصلحة شعبها، أم هو منطق يبحث عن العزلة، فقط لتصدير المشاكل الداخلية إلى الخارج باعتماد مشاكل وهمية لن تجر على الشعبين التوأم سوى الويلات!

ويعد هذا الخط الجوي، المنفذ الوحيد لمواطني البلدين بعد إغلاق الحدود البرية(1994) ، للجزائريين المقيمين في المغرب ويعدون بعشرات الآلاف، كما  للمغاربة المقيمين في الجزائر  ويقارب عددهم 200 ألف.

وللعلم فإن الجريدة التي أشارت إلى إمكانية تعطيل هذا الخط، هي مملوكة لوزير الدفاع الأسبق خالد نزار، إذ أكدت في المقال ذاته، قيام الجيش الجزائري بعسكرة الحدود مع المغرب وإعلان حالة طوارئ استثنائية لترفع العلاقات الى توتر غير مسبوق خلال العقدين الأخيرين.

 ورغم كل ذلك ظل المغرب هادئا دون أن يرد عن تلك الخرجات غير المحسوبة للنظام الجزائري، حتى أنه لم يستدع سفيره من الجزائر للتشاور، بينما استدعت الجزائر سفيرها المعتمد منذ ثلاث أسابيع.

ألا يوجد بين حكام الجزائر رجلا حكيما يضع مصلحة الوطن قبل المصالح الشخصية الضيقة جدا؟ الا يوجد بهذه البلاد عقلاء وحكماء، يتخذون مبادرة إطلاق صرخاتهم لنصرة المنطق والعقل وتغليب مصلحة الوطن على مصلحة كابرانات العسكر، عبر وسائل الاعلام التي تدعي كلها أنها مستقلة في قراراتها؟ بينما الواقع يكذب ذلك، حيث يشن الاعلام الجزائر بدوره حملة شنعاء ضد المغرب ومؤسساته، ويستغلون كل الوسائل بما في ذلك وصائب التواصل الاجتماعي بتجنيد الذباب الذي لا شغل له سوى خلق حسابات وهمية ونشر محتويات إعلامية مليئة بالمغالطات والكذب، وأساسها الكراهية والضغينة،

لا يمكن أن يكون الأمر هكذا، في بلاد قدمت مليون شهيد ثمنا للاستقلال، ولا يجب أن تذهب كل تلك التضحيات هباء منثورا، فقط إرضاءً لكمشة من شيوخ الزمن الماضي، يصرون بشكل كبير على أن يظلوا ينهبون خيرات هذا البلد وتهريب أمواله و نتاج ثرواته لحساباتهم في الخارج.

admin

Laisser un commentaire

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée. Les champs obligatoires sont indiqués avec *