المندوب الإقليمي للصحة بسطات خارج الرهانات الحقيقة للإقليم
فؤاد الجعيدي
إن الحرية النقابية من الحقوق الأساسية للأجراء، وأن ممارسة هذا الحق يعود بآثار ذات أهمية قصوى على ظروف العمل وتطور الأداء المهني للأجراء ويتيح لهم فرصا للتعبير عن طبيعة العلاقات المهنية في مواقع عملهم.
فمنذ العام ،1947 أصدرت الجمعية العامة للأمم المتحدة قرارا يفيد (أن الحق النقابي وممارسة الحرية النقابية شأنهما شأن الحقوق الاجتماعية الأخرى هما أساس لتحسين مستوى معيشة العمال ورفاهيتهم الاقتصادية.)
وفي العام 1948 أصدرت منظمة العمل الدولية في 9 يوليوز 1948 الاتفاقية الخاصة بالحرية النقابية وحماية الحق النقابي رقم 87 التي نصت في مادتها الثانية على أن (للعمال وأصحاب العمل، دون تمييز من أي نوع، الحق في إنشاء ما يختارونه هم أنفسهم من منظمات، ولهم كذلك، دون أن يرتهن ذلك بغير قواعد المنظمة المعنية، الحق في الانضمام إلى تلك المنظمات، وذلك دون ترخيص مسبق.)
تشريعنا الوطني اليوم يؤكد على هذه الضمانات ويكفلها، بل أن حكومة السيد أخنوش سارعت لاعتبار أن الجلوس مع النقابات، للحوار والتشاور والتفاوض يظل الخيار الأمثل لتقويض كل التشنجات التي تعرفها العلاقات الاجتماعية.
لكن المندوب الإقليمي للصحة بسطات، بات يناهض كل هذه التوجهات، ووحده يعلم الأسباب لهذه المواقف الصادرة عنه، حين لم يستطع التقاط الرسائل التي بثتها له شغيلة القطاع المنضوية تحت لواء الاتحاد المغربي للشغل، لإثارة انتباهه بصفته المسؤول الأول عن القطاع وتدبيره بإقليم سطات، وحول الاختلالات المسجلة والتي يظل العاملون بالقطاع في الجبهة الأولى لمواجهتها.
لقد نفذت الشغيلة وقفة احتجاجية ومشروعة في إطار من الالتزام والانضباط، وكان من واجبه أن يعجل بلقاء الشريك الاجتماعي والجلوس العاجل إلى مائدة التفاوض بحثا عن الحلول الممكنة، ووفق روح الاتفاقيات المنظمة للعمل النقابي والتي لم يكن المنتظم الدولي عبثيا في وضعها، بل لما لها من فوائد في التأثير على علاقات العمل ونزع فتيل التوتر الاجتماعي.
لكن عبقرية المندوب الإقليمي صدت عن هذا الاتجاه، وبدأ يستفسر الممرضات والممرضين واحدا واحدا وداخل مكتبه، على مشاركتهم في الوقفة الاحتجاجية. وهذا النهج لا يتعدى صب الزيت على النار ويدفع إلى مزيد من التوتر.
إن مسؤوليته في تعيينه في المنصب الذي يشغله، يفرض عليه حسن الإنصات والإسراع بصياغة التوافقات المطلوبة، لخلق الأجواء للعمل ومواجهة التحديات الفعلية للقطاع في زمن الوباء، عوض الانشغال بسياسة ترك الذئب والبحث عن آثاره.
لقد ولى زمن التدبير البيروقراطي من المكاتب، وأن كل خروج من المكتب عليه التخلص من وسواس ترصد المناضلين النقابيين وممثلي الأجراء في حضيرة اللجن الثنائية، والذين يتمتعون بضمانات الظهير المنظم لاختصاصاتهم ومهامهم، وليس من حقه مساءلتهم بل عليه أن يجعل منهم شركاء للبحث في الحلول التي ترقى بالقطاع للقيام بالوظائف المطلوبة منه اليوم في حماية الصحة العمومية كرهان مجتمعي.