قلب بين ثنايا الشهيدة ..
سعيد أولعنزي تاشفين
كم أنا ضئيل يا مولاتي، و هذه السنوات الثقيلة تعذبني ، تجتاحني خلسة العتمة التي تجيء كل صباح محملة بحشرجات من بكاء يرتجف لها القلب الصغير، تغتسلني الأنا من ظمأ الأوحال رويدا رويدا، يكتبني التعب مرارا، تتنصلني الفكرة فتموت ثم أحييها من خوفها وهي رميم، ويعاتبني غرق الظافرين .
تسقط مني حينا شذرة مثقوبة من معناي ومحراب على بيدر النسيان يكتب أحجيتي الصفيقة و يقيم الليل يصلي لتجاعيد الأديم أن انتفضي .. فيا مواسم اللون المنفلتة من كل قيد ترفق بي، فالشذرة خنجر أثيم أهرب مني إليه ، الفكرة هنا مومس تتبرج قبيل الشروق بلا حروف بلا أواصر وبلا وزن، الفكرة اكتواء الغائبين بحجة الإنطفاء صامتين يعاندون صخب الأحشاء، بينما القلب يؤرخ لحكاية التقاء أحزاني بالمواعيد الرحيمة ثم يستوي مخفرا للسؤال من وثبة المآل، والقلب الصغير ارتهاني للعمر، وهو هوسي و إليه المصير ..
يا غريق ويا متعب من تعبه الثائر بلا حشود على جور التجلي، أين عهدي ؟ في أجنحة الشذرة ؟ في محراب الجوى، وأين مهدي الصغير الذي كانت تؤثثه بسمات الحلم الذي تعثر في المخاض بين مخالب العبث العنيد ؟ في مرايا الصغار يلعبون على عتبات القصر الترابي الذي هرم وظل واقفا يرفض قدره. كيف لا يريد حزن المعري أن ينتهي، و حكمة الخيام تخربت من كل ماهية في ظلال السور العتيق، في بوادر الطمي على جنبات العياء أين جهدي في أنفاس المغنين يصدحون بمواويل عشق تصدأ في ثنايا التيه ؟ أين قلقي في انتباه الغرقى تحت أمواج الفراغ ؟ وأين شهدي في قديم فتونك مولاتي خلف سجايا الصمت ؟ أين نبضي في صلاة الغائبين .. يا غريق في تفاصيل العمر متى التقيت بالصدى يبرح مكانه بلا أنين، عندما أخذ النعل خطواته وأصبح حاف من المصير المرتجى . و ها هو القلب الصغير يكتب المواسم وصلا على ضفة الندى ونادمته الآهات فاغتسل من الدميرة ونسج الليل وحيدا مسبارا للمدى ..
تحمل أحلامي، شذراتي، نسكي ومثواي أجمل المرايا التي غازلتنا على نسمات العبور بين أسوار القصر القديم على مرأى من قوارير عظيمات يداعبن الشمس بثمالة على أهبة الوداع .. ترى أين آخر السجايا التي ناظرتنا ، وناصلة الحزن من بحر الردى .كم أنا ضئيل يا أنفاسي الشريدات ، مثل الظمأ من الماء الذي بكف الحضن يحملني ، ضئيل حد غفيلتي من تجلي النبض على بوح هذا القلب الصغير ، منتهى عجزي عن انتباهي لغرقي .
فيا هذا القلب دع عنك جهدك لإيقاظي، غير أني سأطرق الباب كل دجى احتضنه عريسا يزف إلى سدرة المنتهى ألف سؤال عصي هنا، وخفيف مستجاب عند ملك مقتدر .