شهادة عن انتكاسة الإعلام بمدينة سطات
فؤاد الجعيدي
للتاريخ، هنا بمدينة سطات في أواسط سنوات التسعين، كان للصحافة المحلية شأن وإسهامات خلاقة، من كل المنابر الإعلامية وبتعدد حساسياتها المذهبية، ساعتها كنت أشرف على صفحة الشاوية ورديغة، وكانت السلطات العمومية، لا تردد في دعوة الإعلام والإعلاميين لحضور استقبال الوفود الأجنبية ،التي كانت تأتي لزيارة العمل للمدينة( الوفد الكندي والبلغاري والروماني والقطري..) وعقد جلسات لطرح الأسئلة حول مضامين الزيارات، وتقديم حوارات مع الوفود الأجنبية والسعي لاكتشاف نظرتها للتعاون الدولي بين المدن.
وفي نفس الوقت كان رؤساء المجالس البلدية، يسيرون على هذا النهج في تنظيم اللقاءات، لإثراء النقاش العمومي، حول ما سيقدمون عليه من مشاريع والترويج لها إعلاميا، والإنصات لنبض المجتمع الذي تمثله المنابر الإعلامية.
وانطلاقا من هذه العلاقات، قدمت السلطة الولائية اقتراح خلق نادي للصحافة في أفق تأسيس، محطة إذاعية للإقليم حيث تزامن هذا التوجه مع صعود موجة المحطات الإذاعية الخاصة، لكن عوامل ذاتية لم تتمكن من المساهمة في هذا الإنجاز، بالرغم من نضج الظروف الموضوعية.
هذه المرحلة أنتج فيها الإعلام المحلي تراثا من الكتابات على كل المستويات الاجتماعية والسياسية والاقتصادية، وخاض صراعات من أجل احتواء مشاكل الطبقة العاملة والباعة المتجولون والمساهمة القوية في احتواء مشكل مانيا حول وضعيته العقارية، والانتقال به إلى محطة التفاوض مع السلطات المحلية.
لا نخفي أن في هذه المرحلة كان الراحل ادريس البصري، في زياراته لمدينة سطات، يحث المسؤولين على الانفتاح على الإعلام وفي كل اللقاءات بالجماعة الحضرية لسطات أو وسط العمالة، أو برحاب جامعة الحسن الأول يجهر بهذا الموقف.
لكن اليوم نلاحظ أن هذه التجربة، تم العمل على إقبارها، ويصعب تلمس العوامل التي ساهمت في الوصول إلى هذه النتيجة، لكن الخاسر في كل هذا كانت المدينة في تطلعاتها، ومن الواجب بذل الجهود من كل الأطراف، لتمكين الإعلام من المعلومات التي تهم الخدمة العمومية وبدون تردد. والعمل الجماعي على استرداد فضائل النقاش العمومي حول هذا الرهان وما يحبل به من تحديات.
إننا نريد من المسؤولين المحليين أن لا يطلوا علينا من نوافذ تصريحات حول ما يحملونه من نوايا، كما يفعلونه اليوم، ويعتبرون أن في ذلك انفتاحا إعلاميا، فالتصريحات لا تخدم في شيء القضايا الحقيقية للمجال، بل المبتغى وهو طرح الأفكار حول البرامج والمشاريع القادمة، وجعلها مادة لتبادل الرأي والمشورة والإغناء، وهو ما نفتقده اليوم وبكل أسف شديد مع المسؤولين على مختلف القطاعات بسطات. ويعملون على تجنب المنابر الإعلامية وهي قضية خاسرة من منطلقاتها.
إن الوضع الطبيعي والحاجة إلى المادة الخبرية المحلية، لدى جمهورها الواسع، يملي اليوم علينا جميعا ومن كل المواقع، التفكير بجدية في إعادة بناء العلاقات بين الإعلام المحلي، ومنتجي الخدمة العمومية من سلطات منتخبة وعمومية وخواص، وهذا الطموح يندرج في سياق النموذج التنموي، الذي تستهدفه التطلعات والاختيارات الاستراتيجية للبلاد، وأكثر من كل هذا يظل مطلبا لمرافقة بناء أفق الجهوية الموسعة، وأن كل تأخير وتردد قد لا يخدم الطموح الجماعي للمشاركة في بناء هذا المغرب الصاعد بكل طموحاته وتحدياته.