ما الذي تبقى اليوم من فكر عزيز بلال؟

ما الذي تبقى اليوم من فكر عزيز بلال؟
شارك

فؤاد الجعيدي

يلزمنا قليل من الشجاعة، للاعتراف أن رحيل عزيز بلال وفي أوجه عطائه الفكري والايديولوجي شكل كارثة وانتكاسة لتطلعات أمة في التغيير..  فمكانته كمناضل من طراز جديد، أدرك عمق ربط المعرفة بضرورات التغيير المنشود وليس الاكتفاء بتفسير الظواهر..

وهي المهمة التي كرس لها الجهد والوقت بمدينة الدار البيضاء، المدينة العمالية بامتياز، ولم يتردد في النزول للشارع مرات عديدة، إلى جانب رفاقه للبيع النضالي لجريدة البيان، والتي ساعتها لم تكن لها جاذبية في حلتها، ولكن كان لها الإيمان القوي بالارتباط والالتصاق بمهموم الكادحين في المدينة القديمة.

وكان الراحل عزيز بلال يحث الرفاق، على أن أكبر مدرسة نتعلم فيها ونتمرس على ما ينبغي أن تكون عليه نظرية الاشتراكية العلمية، هي هذا الواقع الحي، مع الناس وبينهم لإدراك جوهر التناقضات بين الغنى والفقر والعوامل التي تكشف عن استغلال الإنسان لأخيه الإنسان، والسبل التي تمكننا من معرفة كيف نناضل، ونتصدى للجور الاجتماعي. ويحفزنا على الانخراط في النقابة العمالية، لنشكل طليعة الكفاح الاجتماعي.

هذا الإرث وهذا التراث، وهذه القدرة على قهر الذاتية والأنانية في النفوس ، صارت اليوم أضغاث أحلام، وحتى الجزء العريض ممن تتلمذوا على يد الراحل وحضروا دروسه الأكاديمية وجالسوه في الفضاءات العمومية، أو في الخلايا الحزبية.. تنكروا لهذه البيداغوجية التي ظل الراحل يقاوم من أجل بثها وزرعها في النفوس.

أعرف عددا من الرفاق من أخذتهم ربطة العنق، إن لم أقل الرغبة المحمومة في الاستوزار، وأخرسوا أقلامهم وألسنتهم على الاستمرار في الانشغال بالعوامل غير الاقتصادية للتخلف، وتحليل التناقضات الجديدة للاختيارات التي نهجتها حكومات يمينة، وولدت معها خطابات سياسية تفتقر لتوفير مشاريع ورؤى، لما ينبغى أن يكون عليه توزيع الثراء بين الناس.. وفي ظروف غدت فيها المؤسسة الملكية الطرف، الذي يبادر داخل المجتمع بالنبش في الأسئلة المطلوبة، للمرحلة التي تجتازها البلاد في كذا نضج ظروفها الوطنية. وتعترف بأن النموذج التنموي الذي اختارته السياسات الوطنية، وصل مداه وقد حقق رافها في الحياة لكنه أنتج في ذات الوقت بؤسا اجتماعيا، ووسع من الهشاشة في صفوف فئات واسعة من المغاربة، بل بات يهدد الطبقة الوسطى بتراجعات في أساليب عيشها. ويكبدها تراجعات قوية في مواقعها الاجتماعية، والتي تعتبر النتيجة الحتمية، لوصول قوى دينية منغلقة للحكم، وإدارة الشأن العمومي دون توفرها على الخبرات، لإدارة الأزمات الناشئة والركون إلى تسليط قوانين بمقتضاها يؤدي المأجورون كلفتها من معيشهم اليومي.

بل الحزب الذي شكل الراحل جزءا من تفكيره ونظرياته، ساهم وبقوة في هذه الانتكاسة التي نعيش مظاهرها وتجلياتها، وفي المقابل نجد أن تلامذة الراحل لم يستمروا على نهجه وتنكروا لوصاياه وفكوا ارتباطاتهم  بما قد يشكل أملا في غد أفضل.

admin

Laisser un commentaire

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée. Les champs obligatoires sont indiqués avec *