حرب الغرب و الشرق : سيناريوهات متجددة

حرب الغرب و الشرق : سيناريوهات متجددة
شارك

بقلم:  س.ألعنزي تاشفين

    يبدو أن فلاديمير بوتين يقدم نفسه كزعيم للممانعة ضد مخططات الرأسمالية التي تتحكم في العالم منذ 1989 إبان سقوط حائط برلين و بدء أمركة العالم عبر ولادة النظام العالمي الجديد مباشرة بعد خطاب جورج بوش الأب . و حيث أن توسع حلف الشمال الأطلنتي بمحاذاة أراضي روسيا ، فإن بوتين ، رجل الكاجيبي الذي يضبط كل ملفات المطبخ السياسي الدولي ، متأكد أن فقدان أوكرانيا سيجعل روسيا عرضة للخراب؛ لكونها لا تحقق اكتفاءها الذاتي في المواد الفلاحية بسبب سوء الظروف المناخية. وعليه فبوتين منذ سنوات وهو يخطط لمحاصرة الناتو من خلال استرجاع المناطق التي تحيط بروسيا لحماية المجال الحيوي الذي تلعب فيه الولايات المتحدة الأمريكية عبر حلف الناتو . و أمام صمود جيش زيلينسكي ، المسنود سرا من طرف كوموندوز الناتو ، فإن الأيام المقبلة ستنقل الحرب، لا شك ، إلى مناطق أخرى وهو ما قد سيجعل كل المنطقة من البلقان نحو أوروبا الشرقية عرضة لرجات جمة ستنتهي بإعادة رسم الخريطة الجيو – سياسية للمنطقة . و من المرجح أن بوتين لن يستطيع استعمال السلاح النووي ، كما أن أمريكا لن تسمح باستنزال الاستفتاء الذي عمل بوتين على استغلاله لفرض الأمر الواقع ؛ و عليه ، لا غرو ، أن الأيام المقبلة ستكون فرصة لفرض الولايات المتحدة الأمريكية لمخطط عسكري بتكتيكات مفاجئة من أجل إرهاق روسيا و تقديمها كدولة فاشلة وراعية للاستبداد .

   صحيح جدا أن سياسات روسيا عموما نظيفة مقارنة مع دسائس الغرب، لكن لا يمكن السماح للحماس بتوقع نصر مبين من طرف روسيا ضد غرب الناتو لأن هكذا استنتاج لن يفيد إلا في بناء تنطعات عاطفية ، سيما أن الولايات المتحدة الأمريكية تملك تجربة خطيرة في تدبير الحروب بأراضي حلفائها .

     وعليه ؛ و للفهم أكثر :

     * هذه بعض التوضيحات عن مشكلة أوكرانيا ؛ التاريخ و الخلفيات .

    – 1 ) أرض أوكرانيا و منطقة  » كييف  » كانت المنطقة الأولى التي ظهرت فيها القومية الروسية تحت مسمى : كيفسكايا روس ، كما كانت كييف عاصمة روسيا القديمة قبل أن تصبح سانتبيتربورغ وبعدها موسكو

      – 2 ) الأوكرانيون كانوا قبيلة سلافية صغيرة تنتشر على رقعة صغيرة غربي مدينة كييف الحالية ، ولم تكن للأوكرانيين قط دولة في مساحة أوكرانيا الحالية ، إنما بعد ثورة البلاشفة سنة 1917 قام الروسي فلاديمير لينين ، بتأسيس دولة أوكرانيا على أراضي روسية ، وما كان يتوقع تفكك الاتحاد السوفياتي وذهاب الأراضي الروسية إلى ملكية الأوكرانيين ، كما أن شبه جزيرة القرم لم تكن داخل أوكرانيا عند تأسيسها سنة 1922 بل أدخلها خروشوف ذو الأصل الأوكراني سنة 1954 لتسهل إدارتها ، و لكونه اوكرانيا ؛ و ما كان أحد يتوقع آنذاك أن يتفكك الاتحاد السوفياتي .

    – 3 ) إن الروس و الأوكران ينحدرون جميعا من أصل سلافي ، و أن اللغتين الروسية و الأوكرانية شديدتي التشابه لدرجة التطابق أحيانا ، و الفرق بينهما كالفرق بين اللهجتين المصرية و اللبنانية . كما أن حوالي ثلث السكان يتكلمون الروسية ، و يعتبرون أنفسهم روسا و يريدون العودة للدولة الأم . و لقد اتضح في السنوات الأخيرة أن منطقة الدونباس غنية جدا بما يسمونه غاز الشيست الذي اتفق الأمريكان مع الأوكران على استخراجه و بيعه لأوروبا عوضا عن الغاز الروسي الطبيعي .

   – 4 ) منطقة الدونباس كانت المنطقة الصناعية الرئيسية لكامل الاتحاد السوفياتي ، بها الأفران التي تنتج محركات صواريخ الفضاء التي صارت أمريكا تشتريها من روسيا بعد تفكك الاتحاد السوفياتي، ( وهي الآن ضمن نطاق أوكرانيا ) ، لأن نصف صواريخ أمريكا التي كانت ترسلها للفضاء تحترق .

     – 5 ) كل أراضي أوكرانيا هي من نوع التربة السوداء الشديدة الخصوبة ، بالإضافة لكون أوكرانيا من حيث المساحة هي أكبر دولة أوروبية ( مساحة روسيا هي فقط 321 ألف كلم مربع في أروبا ) و الباقي في آسيا . و لذلك فإن أوكرانيا كانت المصدر الرئيسي للغذاء في  الاتحاد السوفياتي ، و كذلك الآن بالنسبة لروسيا ، و يريدونها أن تصبح سلة أروبا الغذائية ، و هو ما يغضب الروس الذين لا تنتج أراضيهم شيئا مهما بسبب الجليد والبرودة و الصقيع .

     – 6 ) روسيا قد ورثت عن الاتحاد السوفياتي برنامجا متقدما من الصواريخ الفوق صوتية ، وتوصلت أخيرا إلى إنتاج صواريخ تفوق سرعتها سرعة الصوت بخمسة وعشرين مرة، وهو ما قد لا تملكه أمريكا، ويتوقع الخبراء الروس أن تصنع أمريكا الصواريخ الفوق صوتية في ظرف خمس إلى ست سنوات .

      وأخيرا فإن روسيا مستعدة للتضحية بمليون مقاتل كي لا تخسر أوكرانيا لأنها جزء حيوي منها ، و تعتبرها جزء من أراضيها التاريخية ، وكي لا تسمح بتهديد أراضيها في حال انضمت أوكرانيا إلى الناتو وأصبحت صواريخ الغرب الثقيلة على تخومها. أما الغرب فليس له قضية وطنية في هذا النزاع إنما يريد كسر هيبة وقوة روسيا وإخضاعها من خلال ضم أوكرانيا للناتو .

admin

Laisser un commentaire

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée. Les champs obligatoires sont indiqués avec *