ثورة جديدة للملك والشعب، ولم لا؟
بقلم محمد خوخشاني، ناشط جمعوي وحقوقي ومهتم بتدبير الشأن العام.
لقد مرت سبعون سنة على يوم 20 غشت 1953 ، تاريخ اندلاع ثورة الملك والشعب التي بفضلها ستستعيد الإمبراطورية الشريفة استقلالها بعد أن أجهضت في الوقت المناسب وكما ينبغي مؤامرة الاستعمار الفرنسي التي دبرت بتواطئ مع وجهاء القوم آنذاك إضافة إلى العديد من القواد المحليين. حفاظا على السيادة المغربية، اختارت العائلة المالكة ، بقيادة المغفور له السلطان محمد بن يوسف ورفيقه في الكفاح، ولي العهد الراحل مولاي الحسن، اختارت المنفى الذي سيستمر حتى 16 نوفمبر 1955، أي بالضبط 27 شهرا قضتها العائلة الملكية بعيدا عن ارض الوطن بدل الخضوع لأوامر المقيم العام الصادرة عن حكام البلد المستعمر للمملكة المغربية آنذاك.
.أثار اختيار العائلة المالكة انتفاضات شعبية في جميع أنحاء المغرب، مدنا كانت أو قرى، في حين فضّل عدد كبير من الوجهاء والقواد وشيوخ الزوايا لعب ورقة الدولة المستعمرة معتبرين أن مصالحهم مرتبطة أكثر بالطرف الفرنسي.
لولا بعد نظر النظام الملكي المغربي في شخص السلطان بن يوسف وولي العهد مولاي الحسن ، لربما تحولت المناطق المختلفة من المملكة الشريفية في ذلك الوقت إلى أقاليم فرنسية فيما وراء البحار. ولولا كون وجود الإمبراطورية المغربية يعود إلى فجر التاريخ، لربما اختفت بلادنا من الخريطة الجغرافية للعالم.
لحسن الحظ ، صمد النظام الملكي تحت حكم الدولة العلوية في انسجام مع الشعب المغربي. كل القبائل والمناطق مجتمعة ساهمت في المقاومة الشرسة لقوى الاستعمار الفرنسي الغاشم بكل ما أوتوا من قوة وتبصر. يداً في يد ، نجح الملك والشعب، بفضل الأبناء البررة للوطن الذين كونوا جيش التحرير من رجال ونساء الأمة الأحرار والمباركين ، طوال 27 شهرًا من نفي العائلة المالكة في كورسيكا أولاً ، ثم مدغشقر لم يهدأ بال للغيورين على الوطن والمتشبتين بالنظام الملكي إلى أن فرض على فرنسا واسبانيا وضع حد للحماية على أغلب الأراضي المستعمرة منذ 1912 رغم كل الحسابات الكيدية والتنبؤات الكارثية لخونة الوطن وأعدائه.
.اليوم ، بعد سبعين عامًا على مرور حدث ثورة الملك والشعب ، عرف المغرب سلسلة من الأزمات السياسية التي تتقاسم مسؤوليتها مختلف القوى السياسية ومؤسسات الدولة التي خلفت بعضها البعض منذ الحكومات الأولى بعد الاستقلال مرورا بحكومة التوافق التاريخي التي كان يرأسها الراحل عبد الرحمن اليوسفي خلال ما يزيد عن سنة قبل رحيل المرحوم الحسن الثاني مبدع المسيرة الخضراء لاسترجاع الساقية الحمراء ووادي الذهب إضافة إلى ما يزيد عن ثلاث سنوات من بداية العهد الجديد في ظل حكم جلالة الملك محمد السادس والحكومات المتعاقبة منذ 2002 وصولا إلى الحكومة الحالية التي يرأسها عزيز أخنوش.
إن المغرب الآن بعد مرور زهاء 70 عام على استقلاله في أمس الحاجة إلى ثورة جديدة للملك والشعب التي من المرجح أن تحد من أضرار النوبة القلبية المحتملة التي قد يتعرض لها المغرب مرة أخرى بسبب سوء الحكامة على كل المستويات، الوطنية منها والجهوية والإقليمية والمحلية.
قبل أزيد من عشرة أعوام ، اندلعت احتجاجات شعبية في فبراير 2011 في سياق ما سمي بالربيع العربي ، ثم جاء دور حراكي الحسيمة وجرادة الذين اندلعا قبل أكثر من ثماني سنوات. الحراكين الذين كانا من الممكن أن ينتشرا في مدن أخرى، لو لم يحسن التصرف في الوقت المناسب وبشكل فعال. واليوم ، بسبب الإفلات من العقاب ، يواصل بعض المسؤولين المعينين منهم والمنتخبين انتهاك النصوص التشريعية والتنظيمية التي تدبر الحكامة الرشيدة التي وضعها الملك والشعب المغربي بشكل مشترك منذ اعتماد دستور فاتح يوليوز2011.
لقد سئمت الطبقات الاجتماعية المضطهدة، وخاصة الفئات الهشة منها، من الانقسام الاجتماعي الذي سوف يتصاعد ويتسع أكثر بين الأغنياء والفقراء. لوضع حد للانزلاقات المختلفة للحكام الحاليين باختلاف مستويات مسؤولياتهم والمناصب التي يحتلونها في هرم السلطة، يعتمد المغاربة بالخصوص على تدخل جلالة الملك محمد السادس، الذي هو وحده القادر على تصحيح الأمور وإرجاع المياه إلى مجاريها في هذه الظروف الاجتماعية الصعبة التي تمر بها البلاد ويتضرر منها العباد والتي تصادف احتفال المغاربة في سائر أنحاء البلاد رسميًا بالذكرى السبعين لثورة الملك والشعب. أصبح المغرب في ظل الأجواء الاجتماعية خاصة التي يتخبط فيها السواد الأعظم من المواطنات والمواطنين في أمس الحاجة إلى خارطة طريق لإصلاحات جدرية وإجراءات حازمة وتدابير عاجلة من أجل معالجة التجاوزات السياسية والإدارية العديدة باتخاذ القرارات التي يتطلبها الوضع المزري الحالي الذي قد يزداد سوءًا، خاصة مع استمرار حكومة التحالف الثلاثي المكون من ثلاثة أحزاب ليبرالية ، وهي حزب الأصالة والمعاصرة ، والتجمع الوطني للأحرار وحزب الاستقلال التي تسهر على تدبير الشأن العام السياسي محليا وإقليميا وجهويا بجل الجماعات الترابية للمملكة وكذا الشأن العام الحكومي منذ شتنبر 2021 بقيادة عزيز أخنوش الذي لم ينجح إلا في اجتذاب انتقادات لاذعة أكثر فأكثر من المحكومين.
ألم يحن بعد الوقت لضرب عصفورين بحجر واحد بتغيير السياسة الحكومية الحالية وكذا الرجال والنساء الذين يقودونها ؟ أليس من الحكمة والتبصر بمكان اعتبار أن زمن حكومة أخنوش قد ولى والشروع قبل فوات الأوان في القيام بتطهير شامل من أجل، في نفس الوقت، استعادة ثقة الشعب في المؤسسات والمصداقية للسياسة والسياسيين ؟