على شفير الهاوية
لبنى حمادة من جمهورية مصر العربية
أطَّلِعُ على العالم كل يوم …
لأطمئن أن التراب مازال يلعق أقدام العابرين
و يشتهي قطرات الملح الساقطة على جبين النازحين
لأُفكر في بربريّة القدر…
و هو يتغذى على لحوم البشر
و يُخبئ القصائد في نفوس لم تحصل على إذنٍ بالمرور
لأتأكد في غمرة لحظات الفجور
أن تلك الأقراص لن تشفيني من الجنون …
و لن تغير رأيي في الانتحار….
مجرد تقرح معوي…
يمنحني رؤيّة جديدة لعالم بغيض
من خلف الستار .
لا ذكرى لي من أمي…
سوى شامة بشعة خلف أذني …
حاولت مراراً استئصالها
لكني خشيت من نسيان أمي
ولا شيء لي من أبي…
سوى حدب على ظهري
أخاف أن أضيع من أبي و أمي …
فلا يشفع لي أحد في رحم الجحيم .
وجودي هنا لا يعنيني …
ولا يعني الخلق حولي
إني أحترق كُل يومٍ
ذات صباح أفتح النافذة
أضع وسادتي لربما تتنفس …
أو ربما تباركها الملائكة
فتستكين غيمة في غمار الذاكِرة…
تصيب ذاك اللولب المعدني المغروس في أرضي
و ذلك السد الذي خر وانهزم ….
اطلق فنجاني … غضباً ….
سئمت لهو الكافين بعقلي …
و هوسي برائحة النيكوتين المثيرة ….
القادمة من الشرفة المجاورة …
امشط شعري
ولا التفت لنصفه المتساقط تحتي
وصوت خُلخالي …
حين أتمايل بكعبٍ هزيل على سجادتي الصوفية …
كأنه تهويدة الوداع
ينذرني بأن النهاية تقترب…
أتحسس نبضي وأوقظ رغباتي الكسولة …
فأتذكر بأنها قد ماتت من شدة الظمأ .
اعلم بان الاحتراق رحمة لقدي الملتهب …
رحمة لرطوبة أناملي وهي تُداعب جهازي العصبي
وإن موت بويضاتي المتكيسة على شراشفي العذراء ….
يجعلني بلا مدد
طيف عابر تتساقط ورايه الدمعات ثلاث …
يخلع جلده وأظافره تعظيما لإله لم يره قط ….
و ينتظر رشفة ماء لم يعرف إن كانت سترويه قط
مجرد طيف يزور الأحلام يحلق بين الأخضر والأخضر …
ليبشر العالمين باحتراق قريب …
انقضى ربيع اليوم …
مع شمس ذهبت لتشعل حطب التدفئة
تحسباً لميلاد القارعة …
لا أعلم إن كان سيأتي هذا اليوم ؟
فإني أنتظر …
فقط أتساءل… ؟
هل سيقبل التراب مضاجعة غبراء عابرة … ؟
بيني و بيني …
اجمع أوراقي الصفراء من قلب الهاوية
أستظل تحتها -يوم لا ظل-
ربما سيأتي هذا اليوم …
أتوضأ وأتعطر …
لألبي … لأقرأ
ولا أشتم إلا رائحة الماء العفنة …
و يراودني خوف من أن أتجمد ساجدة
أخشى الأمر
فأشرع في الغناء
و أشفق على الببغاء …
ربما أصطحبه معي …
ستألفه أمي … و لن يتأذى منه أبي
أنتهى اليوم …
لم أجامع قهوتي بعد …
لكن مازالت رائحة النيكوتين تجذبني
أتعرى …
أخلع جلدي تعظيمًا لإله لن أره قط …
و إذا بجاثوم يهمس في أذني …
لا داع للمقاومة …
الليل غطيس
والغبار على الكتاب كثيف
والسماء بعيدة
والجبال لم تصيبها الزلزلة
ولن تستيقظ الشمس
ولن تدركنا القارعة…. قبل أن ننتهي …
إن كانت ستأتي …
سنكون قد أعددنا العدة للفناء …
أتقنا الغناء …
وغرسنا ماءنا في فم التراب
وعاقبنا البغاء …
لا تخافي …. استسلمي …
فقد انكشف الغطاء .