حملات انتخابية بوجوه شابة وعقليات قديمة

حملات انتخابية بوجوه شابة وعقليات قديمة
شارك

عبد العزيز شبراط

 

انتظرنا كثيرا نتائج الخطابات التي سبقت اللوائح الانتخابية والحملات الانتخابية، والتي كانت تصدر جميعها ومن طرف كل الاحزاب، سواء التي كانت مشاركة في الحكومات السابقة، أو التي شارفت ولايتها على الزوال، يسارية يمينية أو وسطية، وهي تعلن للخاص والعام، وتلح وتؤكد على ضرورة تجديد النخب و منح الفرصة للشباب، ولا أخفيكم سرا إن قلت لكم أنني لم أصدق يوما تلك الخطابات، وكنت دائما أجزم بأن مثل هذه الأمور لا تحدث في البلاد العربية والاسلامية، وهو فعلا ما حدث!

كثيرة هي الحالات التي وقفنا عليها، حيث أبعد الشباب عن وكلاء اللائحة لصالح حاملي الفكر التقليدي المتزوج بالمال، كما وقفنا على وكلاء لوائح شباب في سنهم ولكنهم مع كامل الأسف، تؤطرهم الأفكار والسلوكات الماضية، التي كنا نعتقد أنها ولت إلى لا رجعة، خصوصا ما عرفته بلادنا خلال العشرية الماضية من احتجاجات ومظاهرات ومسيرات ومقاطعات لمواد بعينها، وحراك شعبي في مجموع التراب الوطني، و لا يمكن للتاريخ أن ينسى حراك الريف أو جرادة أو غيره من الحراك أو مسيرات العطشذهب ضحيتها العديد من الشباب الى السجون، لكن كل ذلك نراه اليوم يتبخر وهو في طريقه إلى معانقة التاريخ ليس إلا!

كنا نعتقد أن المغرب سيتغير، وتسير الاحزاب على نهج الاشارات، التي طالما عددها صاحب الجلالة في خطاباته وأعادها مرارا وتكرارا، من أجل تجديد النخب لتكون مؤسساتنا قوية وحديثة، لكن مع كامل الأسف هذه الاحزاب شاخت ولم تعد تدرك ما يعنيه قائد البلاد، فقط همها الوحيد، ما يخدم مصالحها ويرعى أموالها، وبهذا الصدد وقفنا على ملاحظتين أساسيتين وهما: فإذا سمح حزب ما ليكون بعض وكلاء لوائحهم الانتخابية شبابا، فإما أنهم يملكون من المال ما يستطيعون توزيعه على المحتاجين لضمان بعض المقاعد، وإما أن هؤلاء الشباب سمح لهم الحزب بذلك فقط من أجل تغطية الدوائر طماع في رفع قيمة حصة الدعم التي تقدمها الدولة مقابل ذلك!

وإما أن الأمر يتعلق بلائحة عائلية، حتى و الأمر يتعلق بالعائلة، فإن الأب هو من يكون وكيلا للائحة، ولا عجب في ذلك فالعقلية العربية  والاسلامية، يظل الأبناء في نظرها أطفالا مهما وقع!

ونحن في زمن الذكاء الاصطناعي، وقوة مواقع التواصل الاجتماعي، وانخراط الشباب المغربي فيها بقوة أكبر مما هو عليه في الدول الغربية، حتى أن المغرب يحتل الصفوف الأولى بالنسبة لعدد المواطنين المرتبطين بالأنترنيت، بالنسبة للدول العربية وحتى بعض الدول الغربية، بل لدينا مشاهير على هذه المواقع، حتى النساء بارعات في هذه المواقع وخصوصا صاحبات روتيني اليومي! وكنا نعتقد أن مصطلح  » الشباب  » الذي تستغله كل الاحزاب للتمويه سيظل فقط منحصرا في عقول تلك القيادات التي تضع مصالحها الشخصية قبل مصلحة الوطن، بينما سينتصر الشباب فعلا لحقه، بالتنظيم عبر تلك المواقع والتنسيق من أجل توجيه كل الشباب الطواقي للتغيير من أجل حسن الاختيار، والوقوف سدا منيعا في وجه الفاسدين والمفسدين كما فعلوا بشأن حركة 20 فبراير 20011، أو تجربة التنسيق بالنسبة لمقاطعة بعض المواد عقابا لمالكي شركات تلك المواد، إلى درجة أن أحد وزراء العدالة والتنمية انحاز الى إحدى هذه الشركات ضدا على الطبقات المستضعفة!

ما أصعب أن تكون مدافعا على أمر وتفعل ضده، وما أصعب أن تكون حداثيا في لباسك، وفي تسريحة شعرك، وفي طريقة كلامك، وقد تتحدث عن الحداثة ومحاربة الفساد وتمارسه أنت أيضابل وقد تضع في برنامجك الانتخابي أمورًا لا يدركها إلا الشباب، مثل الحديث عن المدن الذكية، وعن اعتماد الادارة الإلكتروني أو الرقمية، وتوفير كل حاجيات الساكنة والاستجابة لها بالسرعة اللازمة، ثم تضع كل هذا جانبا وتحرك آلة المال، مما يعني أن كل تلك السطور حول البرنامج الانتخابي هي فقط خطوط لملأ البياض لا أقل ولا أكثروسنعود الى  وكلاء اللوائح الشباب واعتماد المال كبرنامج انتخابي في مقال قادم.

admin

Laisser un commentaire

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée. Les champs obligatoires sont indiqués avec *