حكاية الحزب الذي جاء به الربيع وذهب به الخريف

حكاية الحزب الذي جاء به الربيع وذهب به الخريف
شارك

رأي في قضية

عبد السلام الزاوي

العدالة والتنمية للأمانة، حزب صعد إلى الحكومة بمباركة الدولة، و لهدف استراتيجي طبخ على نار هادئة لعشر سنوات، العدالة و التنمية كان قبل وصوله لسدة الحكم تحت مراقبة الدولة، ومن موقعه في صفوف المعارضة كان يكتسب شعبية مضطردة، ومتزايدة بالنظر لخطابه وانتماء قادته لعموم المواطنين، حاولت الدولة العميقة جاهدة إحجامه في استحقاقات عديدة، لكن ربيع 2011 كان نقطة التماس التي عجلت بصعود البيجيدي إلى الحكم، كان لا بد للدولة بدفع المصباح والسماح له بتصدر الانتخابات لامتصاص الغضب الشعبي ورسم صورة ديمقراطية تبعث بتطمينات للخارج وتسويق التجربة المغربية، كمثال للمرحلة داخل المنطقة العربية، حزب العدالة والتنمية حاول ومنذ وصوله للحكم التنقيب في ملفات ثقيلة لم يجرؤ أحد قبله على إثارتها، وللأمانة كان جريئا لدرجة متقدمة بأشواط عن أسلافه من الأحزاب التي تعاقبت على قيادة الحكومات السابقة، كل ما سبق جر على الحزب وأمينه العام السابق غضبة الدولة العميقة، فالحزب الذي كان تحت رحمة الدولة و تحكمها، خرج من تحت جناحها يهاجم التحكم وما أسماهم بالعفاريت و التماسيح، و غيرها من الخطابات الشعبوية، التي صارت تهدد بصنع زعامة سياسية يلتف حولها المغاربة، في خرق للأعراف المغربية، كل هذا وذاك جعل من عودة العدالة والتنمية لصفوف المعارضة أمرا حتميا لكن ليس قبل شرخ صفوفه وإلصاق اسمه بمجموعة من الإخفاقات والقرارات العشوائية والزيادات المهولة في الأسعار، كل هذا قسم ظهر البيجيدي وجعله يسقط السقوط الحر والمدوي، فاقدا أكثر من 90% من مقاعده البرلمانية، أيضا عدم القدرة على الوفاء بالتزاماته كحزب جعل من أولى أولوياته محاربة الفساد والريع لعدم قدرته على مجابهة الدولة العميقة، وهذا في حد ذاته كان يستوجب قرارا شجاعا وتاريخيا تغاضى عنه الحزب، وفي نظري كان تشكيل الحكومة الثانية وتقديم عديد التنازلات زد على ذلك غياب كاريزما رجل الدولة في شخصية الدكتور العثماني، كانت المسمار الأخير الذي دق بعناية في نعش المصباح، ولنكن متأكدين أنه في ظل الديمقراطية الهجينة لا يمكن أن نحظى إلا بممارسة سياسية هجينة.

admin

Laisser un commentaire

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée. Les champs obligatoires sont indiqués avec *