تهديد جدي ومؤلم » يعرقل تطور التعليم في المغرب

تهديد جدي ومؤلم » يعرقل تطور التعليم في المغرب
شارك

أظهرت نتائج دراسة رسمية ضعفا كبيرا في مستوى استيعاب التلاميذ في المغرب دروس اللغات والرياضيات على الخصوص، مما يشكل « تهديدا جديا » لتطور منظومة التعليم في المملكة، وفق خبراء، نقلت عنهم فرانس برس.

وكشفت الدراسة التي أعدها المجلس الأعلى للتربية والتكوين، وهو مؤسسة رسمية استشارية، أن 9 في المئة فقط من تلامذة المستوى الإعدادي في التعليم العمومي (الحكومي) يستوعبون مجمل اللغتين والفرنسية والرياضيات، مقابل مستويات أفضل نسبيا لتلامذة التعليم الخصوصي.

كذلك الشأن بالنسبة لتلامذة المرحلة الابتدائية في التعليم العمومي حيث ظهرت مستويات استيعاب متدنية في اللغة العربية (42 في المئة) والفرنسية (27 في المئة)والرياضيات (24 في المئة). علما أن هذه المعدلات أكثر تدنيا في الأرياف مقارنة بالمدن.

وخلص البحث الذي نشر، الأسبوع الماضي، على موقع المجلس الإلكتروني، وحظيت نتائجه باهتمام إعلامي واسع، إلى أن هذه « الأزمة تشكل تهديدا جديا لتطور منظومة التربية »، مشيرا إلى أن المدرسة العمومية « أصبحت آلة لإعادة إنتاج التفاوتات داخل المجتمع »، وإلى أن الإصلاحات المتتالية لهذا القطاع « لم يكن لها مفعول إيجابي ».

ويقول المسؤول في نقابة الجامعة الوطنية للتعليم، عبد الرزاق الإدريسي، لوكالة فرانس برس: « هذه الأرقام المؤسفة تبين أننا عمليا مواطنون أميون ».

وتقول سهام التي لها ولدان يرتادان مدرسة خاصة: « أدفع قرابة 400 يورو في الشهر. هذا مبلغ كبير، لكنه ضروري لتأمين تعلم أفضل للفرنسية والإنكليزية، الأمر الذي لا يمكن للمدرسة العمومية تأمينه ».

وعلى الرغم من خطط الإصلاح التي تبناها المغرب في العقدين الأخيرين، لا يزال التعليم العمومي يعاني من مشاكل الاكتظاظ في قاعات التدريس، والتسرب المدرسي، فضلا عن الأزمات المتكررة بين المدرسين والحكومة التي تسببت بإضرابات عدة خلال السنوات الأخيرة. فيما تلجأ الأسر الميسورة إلى المدارس الخصوصية أو البعثات الأجنبية.

واعتمد المغرب، خلال السنوات الأخيرة، سلسلة إصلاحات في قطاع التعليم، بينها تطوير البنى التحتية للمؤسسات التعليمية، ومراجعة المناهج الدراسية، وتوظيف أعداد أكبر من المدرسين…

ويحرم ضعف مستوى تلامذة الابتدائي والإعدادي ثلث التلاميذ من اكتساب « الموارد الضرورية لمتابعة دراستهم »، مما يرفع مستويات الانقطاع عن الدراسة، وفق ما يؤكد البحث الذي شمل عينة من نحو 37 ألفا، من أصل حوالى 9 ملايين تلميذ.

ويحرم ضعف مستوى تلامذة الابتدائي والإعدادي ثلث التلاميذ من اكتساب « الموارد الضرورية لمتابعة دراستهم »، مما يرفع مستويات الانقطاع عن الدراسة، وفق ما يؤكد البحث الذي شمل عينة من نحو 37 ألفا، من أصل حوالى 9 ملايين تلميذ.

وحذرت تقارير رسمية، في السنوات الأخيرة، من ارتفاع البطالة، وغياب أي آفاق مستقبلية لدى شرائح واسعة من المراهقين والشباب، الفئة الأكثر تضررا من الفوارق الاجتماعية في المملكة.

تأخرنا كثيرا

ووصف وزير التربية الوطنية، شكيب بنموسى، أرقام الدراسة بـ »المؤلمة ». وجدد التأكيد في عرض أمام البرلمانيين، الأسبوع الماضي، على أن تحسين جودة التعليم العمومي « يرتبط بالضرورة بجودة تكوين المعلمين ».

وتزامن نشر الأرقام « الصادمة »، كما وصفتها وسائل إعلام محلية، مع قرار وزارة التربية الوطنية تحديد سن 30 عاما كحد أقصى لدخول مدارس تكوين المعلمين، واشتراط وجود ميزة في شهادة البكالوريا والإجازة الجامعية.

وتراهن الوزارة بهذين الإجراءين الجديدين على انتقاء المرشحين « الأفضل الذين يرغبون فعلا في ممارسة هذه المهنة حتى تستعيد جاذبيتها، مثلما يتم انتقاء المرشحين لكليات الطب أو مدارس الهندسة »، وفق ما يوضح مسؤول فيها لوكالة فرانس برس.

ويقول المجلس الأعلى للتربية والتكوين إن السبب الرئيس لاختيار مهنة التدريس حاليا يبقى « غياب بدائل أخرى ».

وقد استقطبت مباراة انتقاء المعلمين الأخيرة أكثر من 100 ألف مرشح يتبارون على حوالى 17 ألف منصب، وفق وزارة التربية الوطنية، إذ تظل هذه المهنة منفذا رئيسا لتجنب البطالة بالنسبة لشرائح واسعة من الشباب.

ورأت الدراسة أن المطلوب « تحولا عميقا » في القطاع، من دونه « لا يمكن بلوغ أي هدف من الأهداف التنموية للمغرب » في أفق عام 2035، في إطار نموذج تنموي وضعته المملكة، وتسعى من خلاله إلى زيادة معدلات النمو وتقليص الفوارق الاجتماعية الحادة.

ويقول المسؤول في وزارة التعليم: « الإصلاح لم يعد فقط مطلبا عاجلا بل إننا تأخرنا كثيرا »، مشيرا إلى أن هذا الإجراء ليس سوى جزء من « خريطة طريق شاملة يتم التفاوض عليها حاليا مع النقابات » المعنية بالقطاع التعليمي، على أن يتم الإعلان عنها في غضون أسابيع.

ورغم الإجماع السائد في المملكة بشأن وجود أزمة في التعليم العمومي، غالبا ما تثير الإجراءات الإصلاحية التي تتخذها السلطات خلافات حادة، كما هو الشأن بالنسبة للمعايير الجديدة لاختيار المدرسين التي ترفضها النقابات، وخلفت احتجاجات متفرقة لطلبة الجامعات في مدن عدة، خلال الأيام الماضية.

ويوضح عبد الرزاق الإدريسي أن « المطلوب هو مباريات انتقاء أكثر صرامة وليس تحديد السن »، مشددا على أن رفع مستوى التلاميذ يرتبط « خصوصا بتعميم التعليم الأولي العمومي الذي يبقى ضعيفا جدا ».

admin

Laisser un commentaire

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée. Les champs obligatoires sont indiqués avec *