» البوالون في وسائل التواصل » ..
المنظار
يقول المثل بال حمار فاستبال أحمرة في هذا النص للأستاذ تاشفين يفتح عيوننا على المبتذل الذي بات عملة رائجة على مواقع التواصل وهو وضع يؤشر إلى اندحار للقيم النبيلة المرتبطة بكينونة الإنسان، لتأتي تعابير يومية في منتهى الابتذال ولتصنع من كل الغباوات التي لا تحتمل أوضاع تعبيرية تحتاج منا جميعا التصدي لها.
د. سعيد ألعنزي تاشفين
روى الإمام ابن الجوزي حادثة وقعت أثناء الحج في زمانه، إذ بينما الحجّاج يطوفون بالكعبة ويغرفون الماء من بئر زمزم قام أعرابي فحسر عن ثوبه ، ثم بال في البئر، والناس ينظرون، فما كان من الحجّاج إلا أن انهالوا عليه بالضرب حتى كاد يموت، وخلّصه الحرس منهم ، وجاؤوا به إلى والي مكة ، فقال له:
قبّحك الله، لِمَ فعلت هذا ؟
قال الأعرابي: حتى يعرفني الناس، يقولون: هذا فلان الذي بال في بئر زمزم !!
و مع شناعة هذا الفعل، وغرابته، إلا أن قصة هذا الأحمق قد سطّرت اسمه في التاريخ رمزاً للسخافة والخَرَق، وإلا فما الداعي لهذه الفعلة الشنيعة إلا الحرص الشديد على بلوغ المجد والشهرة.
وقياسا في وقتنا الحاضر كثر البوّالون في وسائل التواصل، فتجد أحدهم يسعى إلى الشهرة بقدر ما يروّع ويخوّف الآخرين، والآخر بقدر ما يفسد، وينتهك من الأخلاق والعادات، وآخر بقدر ما يلهو، ويلعب بالنعم، وأخرى بقدر ما تتعرى وتستعرض جسدها وتتكشف بلا حياء، وتبدي من كل المؤهلات من جسمها ومكنونها.
مشاهير الحمق والإفلاس في زماننا هذا همّ، ووباء، وشر، وفتنة، حيث أن كثيرا من الشباب والصغار، بل وبعض الشيوخ الذين بلا عقول، قد تأثروا بهم ويتابعون جديدهم بل قد اتخذوا منهم قدوات، ولله المشتكى .
هؤلاء المشاهير قد أفسدوا علينا الماء المبارك، والهواء المبارك، والأرض المباركة، فاستحقوا بكل جدارة واستحقاق لقب؛ » البوالون في وسائل التواصل » ..