الحفارون

الحفارون
شارك

فؤادالجعيدي

ملحمة ريان كانت دروسا عظيمة، في خمسة أيام تحولت إغران لمسرح أحداث جسيمة، ظهر إلى جانب شخوصها عمي علي الحفار الذي بلغ من العمر عتيا، جاء من عمق الصحراء ليسهم بخبراته في عملية الإنقاذ بمنطقة جيولوجية وعرة..

لما سكتت أصوات محركات آلات كابيلار الصفراء وارتخت أذرعها للأرض، بعدما أنهت مهمتها في عمق حفرتها، نزولا مع البئر، ارتأى الخبراء إحداث فجوة أفقية للوصول إلى الطفل الشهيد، فجاء الدور على الحفارين بالمعاول.. وهنا تعرف الناس على الحفار علي صاحب البسمة العريضة، الذي كان يتردد على القاع بالحفر في الصخر ثم يطلب ماء ليرتوي من شدة التعب ليعود ثانية إلى القاع السحيق.

الحفارون هي المهنة التي ارتبطت بالغبار والتراب والعتمات والقاع الذي لا قرار له.. وفي العديد من الحكايات عن الحفارين كم ابتلعت الأنفاق من البشر في مناجم الفجم والذهب.

في بداية الثورة الصناعية كان الحفارون يدخلون دهاليز المناجم المظلمة ليخرجوا أطنانا من الطاقة التي تحتاجها بطون أفرنة المصانع الناشئة.. الحفارون في المناجم حين تشتد معاناتهم مع مشغلهم لا يجدون سوى أعماق الأرض ليرفعوا فيها الاحتجاج  كما فعل 100 من عمال المناجم المغاربة داخل منجم جبل عوام على عمق 700 متر تحت الأرض..

الحفارون كانت سواعدهم دوما تبحث عن الماء والثروات من فحم وذهب وفضة لكن نصيبهم من حياة الدنيا كان دوما الكاف والعفاف وغنى النفس كما هو حال عمي علي.

للأسف، لا ننتبه للحفارين مثلما يفعل الموتى، الذين يعدون لهم قبور الراحة الأبدية بالمقابر

وتظل بسير الحفارين تجليات للبطولة وعزة النفس بكل معانيها الإنسانية والتضحية من أجل الآخرين ومن أجل لقمة عيش عنيدة.. دون التنازل، عن كرامتهم الإنسانية..

admin

Laisser un commentaire

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée. Les champs obligatoires sont indiqués avec *