ما حدث مرفوض بكل المقاييس

ما حدث مرفوض بكل المقاييس
شارك

فؤاد الجعيدي

شهد أحد الأسواق الشعبية بمدينة القنيطرة، حالة من التسيب في واضحة النهار، حيث تم تداول شريط عبر ووسائل التوصل الاجتماعي، جمهور من الوافدين على السوق ومن مختلف الأعمار، يسرقون الخضر المعروضة للبيع، بعد أن تركها أصحابها خوفا من الاعتداء عليهم.

وبكل المقاييس أن ما حدث من فوضى عارمة، يستحق الإدانة القوية والاستنكار.

لا بد من التذكير أن هذا الوضع هو النتيجة الطبيعية للفراغ السياسي الذي بات السمة الملتصقة بمشهدنا الاجتماعي، بعدما تخلت الأحزاب السياسية عن وظائفها في تأطير المواطنين، ومن جهة أخرى ترك المجال لبعض القوى التي تمارس مواقفها وقناعاتها اعتمادا على التسخينات.

الأوضاع الصعبة التي نجتازها لن نتغلب عليها بالشعارات ودعوات إسقاط الحكومة قبل أوانها.. في ساحة اجتماعية قد اختار فيها البعض أساليب المواجهة. وأن كل التجارب تؤكد أن هذا الخيار لن يثمر حلولا بقدر ما يرنو إلى صب مزيد من الزيت على النار.

الأطراف السياسية الممثلة بالبرلمان والتي اختارت وآمنت بالخيار الديمقراطي، عليها اليوم تحمل كافة مسؤولياتها، لكي تجنب البلاد لا قدر الله نفقا لن يخدم في أي شيء مسلسل البناء الديمقراطي كخيار استراتيجي، وعليه كل الرهانات للخروج من هذه الأزمات.

لقد اختار البعض وللأسف مواقع التواصل الاجتماعي، للدفع بالاحتقان الاجتماعي إلى مدى لا يطاق، وهذا البعض لا يدرك أن الانتصار للضعفاء لا يأتي بشحنهم بالمغالطات والركوب على عواطفهم بالخطابات الشعبوية، والتي سبق وأن استخدمتها قوى سياسية لكنها لم تنتج لنا رخاء بل زادت الطين بلة حين استفقنا من أوهام ظل البعض يعمل على تسويقها بين الناس.

على القوى السياسية الوطنية اليوم، أن تتحمل مسؤوليتها، في احتواء هذه الأوضاع والتصدي لنتائجها بالحلول السياسية الممكنة. وأن لا تبتعد عن الساحة الاجتماعية وتراهن على دفن الرؤوس مثل النعام في الرمال.

هناك المسألة الاجتماعية اليوم  كأولوية لا تقبل الـتأجيل، ويجب التعاطي معها في نقاش وطني بناء ومع كل الفرقاء وكل الحساسيات، حتى لا تظل بعض المبادرات تبدو معزولة وتسير في الاتجاه المعاكس للمجتمع، كما حدث مع أرباب النقل واللوجيستك حين تقدموا بمطالبهم في ظل أزمة ارتفاع المحروقات وهناك من عمل على سوء تأويل مطالبهم.

الأزمة بقدر ما مست المواطنين تمس أيضا التجارة وتمس قطاعات إنتاجية أخرى وأن لا سبيل للتعاطي مع كل هذا، إلا بالتفكير في الاحتواء السياسي للوضع وخلق مزيد من الانفراج الذي لن يكون إلا بحلول سياسية في المقام الأول.

admin

Laisser un commentaire

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée. Les champs obligatoires sont indiqués avec *