الحزن وحي الأمسيات والنافذة المؤدية لسماء الروح ..

الحزن وحي الأمسيات والنافذة المؤدية لسماء الروح ..
شارك

د. سعيد ألعنزي تاشفين

     شذرات هفهفاة تُنشل البال من بين تخوم الحنين وتفتح مسام الروح بمقدار مخاوفي على الهدنات الآيلات للانبعاث. الصمت في زمن الضجيج حكمة مرصّعة تحتاج فكّ عقدتها قبل حلول الفوضى من جديد ، ووصال السماء بشائر لزحمة ما حلّ بالقلب من تعب جليل؛ من يعاند هدوء الصبحيات بكمشة ماء و بقبضة نسيم يغادر نحو الوجهة الأخرى من الأفق حيث يبتسم الله و ينتظر ..

     من يملأ الاغتراب بأولات الحكايات ويترك الحلم وتفاصيله أن يموء من يُعد الأمسيات لهفة لهفة على أريكة السؤال كالحب، كالعشق ، كالعناد ، كنسائم الذاكرة ..

    الحزن وحي شذراتي وناموس الله جلّت حكمته لا شأن له بالجروح الغائرة ولا بانهيارات اليومي .. دلالةُ عمقٍ في فم التفاهة في سياقات الابتذال. بحث مظنٍ عن المعنى في زمن اللامعنى ..

     الحزن خيانة الواقع للتوقّع وإفلاس المعنى وانسداد السياق. حالة من شرود الروح في رحم الفوضى التي تحاصرني بين سياجات القطيع المتنطع و من تنمّقات نخب البريق الزائف المزيّف في مدن الغبار والملح و الأرصفة الملطخة بالمشردين والبؤس المنمق بالتحديث، وبأرياف الضيّاع ..

     الحزن وصال أنيق لا ينبطح للمواعيد الممشوقة بالتصنّع على مقاس الكذب، يأتيك على غير موعد منذرا بسقوط الأقنعة وحلول المعنى من كل حبال الزيف ومن أوردة الليل، ويجدّد فيك الدم البارد ويمضي.

    هات لحنك واتبعني أيها الحزن الجميل نواري سوءاتنا بأوراق من ذكرى ونغادر على مهل هوس الخواء. ترى أين اكتفينا بالمسافة نُقيم أنفسنا شظايا ونُشعل دفء الشذرات ونُوزعها مخابئ مثل كوخ عتيق يُلملم تفاصيل الضياع، ونستدرج الصّدى من طقس المواويل ونزفّ ليلتنا البعيدة خيالاً خيالاَ وحرقةً حرقةً وسؤالا سؤلاَ ونبضةً نبضةً من مخاوف صمت الأنين. نتمدّد على ملمس المطر  الناعم والليل الوحيد حتى تتبلّل الذاكرة ونُشعل سجائرنا من حرف ينزف دخانا أهات أهات وتلامس تفاصيل العشق الهواء مزدحما بالشوق ونرفع همسنا: ما أجمل الزحام فينا وما أجمل المطر والليل..

      والمطر نبض، كالأديم بمساحات الفراغ، كالصدى في محراب الروح فيه أحيا وفيه أموت..

    فيأيتها العصافير المشنوقة بفخاخ الخائنين هلاّ ذكّرتك أنني أعرف النشيد فدلّيني على شجى الدّجى !

     أيتها الأمسيات، وأنت كالحبيبات الخفيفات، كالكمانجات الجريحات ، كالصباحات على نسائم الوتر، أنا أعرف الضّياء فدلّني على فصاحة الخيانات !

    أيتها العيون الغائرة حزنا والمكحّلة اغترابا أنا أعرف الأهداب فدلّيني على حصاد الدمعات !

   أيها الزارعون بفيافي الانتظار أنا أعرف مجد الحنطة فدلّوني على أسئلة التراب !

admin

Laisser un commentaire

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée. Les champs obligatoires sont indiqués avec *