العالم يتجه نحو مقاومة المليار الذهبي، واستنزاف مقدرات الشعوب

العالم يتجه نحو مقاومة المليار الذهبي، واستنزاف مقدرات الشعوب
شارك

فؤاد الجعيدي

ما بعد كورونا وما عرفه العالم، من ركود قوي لاقتصادات دوله، ظهرت الصين الشعبية كقوة اقتصادية قوية ومهيمنة بتسجيل معدلات نمو سنوي يصل إلى عشرة بالمائة، على مدى عقد من الزمن.

وما كادت الجائحة أن يفتر نشاطها، الذي فتك بالملايين من البشر، حتى دقت طبول الحرب الروسية الأوكرانية، في بؤرة توتر جديد باعتبارها نقطة تماس بين للاصطدام العسكري مع القوة الغربية بزعامة الولايات المتحدة الأمريكية، التي راهنت على إضعاف شوكة الدب الروسي. لإعادة التحكم في القرار الدولي والاستمرار في بسط الهيمنة على الشعوب كما حدث منذ القرن التاسع عشر.

الصراع الدولي اليوم، يؤشر على انتهاء مرحلة التبشير بالعولمة التي وقعت عليها رهانات قوية منذ سنوات التسعين، في إتاحة الفرص بين الدول، للاستفادة من السوق الدولية الحرة، والتي وسعت من حركة انتقال الرساميل بين الدول، ووسعت بلا هوادة لتسليع الإنسان وقيمه، وغدا جليا أن القيم الكونية الإنسانية، ضاعت في متاهات النزوع الأعمى، نحو مزيد من الثراء للمحظوظين والمالكين والمتحكمين في الثروات والمقدرات والخيرات وما ترتب عنه من فقر وهشاشة واختلالات للتوازنات البيئة.

في ظل هذه الأوضاع يظهر بوتين الوريث الشرعي لإمبراطورية الاتحاد السوفيتي، والذي لا يلين له عود في خوض الصراعات، بما ينبغي من توجهات استراتيجية ومناورات تكتيكية ودقة في الحسابات، لاستراد مكانة الزعامة والتأثير في القرار الدولي بالانحياز إلى دول جديدة وعريقة في التاريخ.

ففي منتدى « أفكار قوية للعصر الجديد »: يقدم بوتين نظرته للعالم ومستقبله بالإقرار، أن التاريخ العالمي ينتقل إلى مرحلة جديدة، حيث يمكن للدول ذات السيادة الحقيقية فقط إظهار ديناميكيات نمو عالية.

موقف بوتين هذا هو بمثابة الخلاصة التي تقر أن النظام ذي القطبية الواحدة، قد بلغ درجة الإشباع بما أفرزه من تناقضات وعاهات على شعوب العالم، ويؤكد بوتين: « طبعا لا رجعة في هذه التغييرات الهائلة. وعلى الصعيدين الوطني والعالمي، يتم تطوير أسس ومبادئ نظام عالمي متناغم وأكثر إنصافا وبتوجه اجتماعي وآمن، كبديل للنظام الحالي، النظام العالمي أحادي القطب الذي كان قائما حتى الآن، والذي بات بطبيعته عائقا لتطور الحضارة ».

ويتهم بوتين الأنظمة الغربية بأن ما تحقق لها من رخاء لم يكن ثمرة من ثمار منجزاتها بل إلى حد كبير بسرقة مقدرات شعوب أخرى في آسيا وإفريقيا وحرمانها من الحق في الرخاء والازدهار والاستقرار.

بوتين اليوم يقود حربا على المليار الذهبي الذي نما واستقوى ليس بفضل منجزات قدمها للبشرية بل بقوة الاستحواذ والهيمنة وتعطيل قدرات الدول النامية..

من هذه الأطروحة نتذكر أن بوتين لم ينس أنه وريث الاتجاه العالمي الذي ناهض الإمبريالية واعتبارها أعلى مراحل الرأسمالية وما ظلت وفية له من جشع وصل لإبادة البشر كما أباد التوازنات البيئية.

admin

Laisser un commentaire

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée. Les champs obligatoires sont indiqués avec *