الخصم الحقيقي للمغرب
فؤاد الجعيدي
لم ولن تكون لنا عداوات، مع أي كان، الخصم الأوحد والوحيد في هذا الشمال الإفريقي، هو العوامل الضاغطة لإنتاج التخلف، وتجاوز حالات العوز والخصاص.
وأيضا لم نستسلم طيلة عقود، أن ينازعنا أيا كان في وحدتنا الوطنية التي اعتبرناها، منذ افتعال هذه المشكلة، أنها مسألة حياة أو موت بالنسبة لكل المغاربة، وبمختلف أطيافهم وحساسياتهم، ولذلك تحمل كل المغاربة ما تقتضيه المواجهة من استعدادات للتصدي للعناصر المعتدية على التراب الوطني.
وكان كل ذلك على حساب تنمية المجال والإنسان، حيث فضلنا الاستمرار فيما تتطلبه مقاومة المعتدين، الذين مدهم الجيران بالمال والسلاح لما يزيد عن أربعة عقود.
لكننا اليوم، لا نحمل الضغائن، بل أن عاهل البلاد عبر وبشكل مسموع في خطاب العرش الأخير على الجنوح إلى التعاون المشترك وإلى ضرورة فتح الحدود، لكن في المقابل ظل النظام الجزائري يغذي الحقد والتشكك وهو خيار، لن يغفره له التاريخ بما يروج من أباطيل على المغاربة ونظامهم السياسي.
نحن اقتنعنا بما لا يدع مجالا للشك، أن المستقبل يصنع من الآن، بالتوجه لتنمية الناس والسعي لرخائهم وازدهار حياتهم الاجتماعية وليس للتطاحن الأعمى بين الشعوب.
كانت هنا بالمغرب جرأة خاصة، للحديث في واضحة النهار على التطبيع مع دولة إسرائيل، وتبادل الزيارات وتعزيز التعاون أواخر العام الماضي وأن هذا المسار الجديد آخذ العزم اليوم، لعقد لقاءات على أعلى المستويات الوزارية بين الدولتين، لإعطاء التعاون مضامينه في المشاريع المشتركة وتبادل الخبرات، لإنتاج الرخاء المنتظر بعدما تعبنا من الصراعات والمعارك التي لم تنتج سوى الدمار للشعوب.
اليوم هناك بدائل تحتاج في صناعتها إلى تجاوز نظرة العداء، وهو الموقف الذي دافع عنه الرئيس الراحل ياسر عرفات، حين تحدث عن سلام الشجاع، لكن في تلك الأيام كان هناك من يتغذى من الحروب مدركا أن توقفها وتوقف الصناعة الإيديولوجية التي تشكل وقودا لها ستعمل على تهديد مصالحه ومنافعه التي يجنيها.
المغرب الرسمي تحت قيادة عاهل البلاد محمد السادس، يدافع اليوم ودون هوادة على الأمن والسلم لشعوب المنطقة الإفريقية والعربية ويسعى جاهدا للمساهمة في إزالة بؤر التوترات في أكثر من منطقة، ولا يتردد أن يقدم الدم المادي للشعوب في حالات الكوارث.
سياسة اليد الممدودة، نجد أن جيراننا يتوجسون منها ويحركون آلتهم الإعلامية، لتوليد أحقاد لا معنى لها والتشكك في اختياراتنا الوطنية وهو ما يعني أن جزائر اليوم لا تحن سوى لأفكار الثكنات العسكرية، لتدب على الأخضر واليابس واغتيال الأمل في النفوس.
هذا الأفق الشيطاني محكوم بالفشل، لأن طبيعة البشر تسعى على الدوام لتجاوز الأزمات، وليس إلى إنتاجها، وتسعى إلى خلق الفرص التي يتمتع فيها الناس بالطمأنينة والسكينة التي جبل عليها الناس منذ الأزل.