الحاجة إلى مأسسة الحوار الاجتماعي
فؤاد الجعيدي
بوادر إيجابية، تعزز التفاؤل في القادم من الأيام، مع إشارة السيد عزيز أخنوش رئيس الحكومة، خلال عرضه للبرنامج الحكومي، اليوم الاثنين، أمام ممثلي الأمة بالبرلمان، إلى قرب انطلاق الحوار مع المركزيات النقابية الأكثر تمثيلية، والذي لا نعتقد أنه سيقتصر فقط على منظومة التعليم، بل سيتعداها إلى باقي القطاعات الحيوية والاستراتيجية ببلادنا.
كلنا يتذكر كيف تراجعت حكومة بن كيران وبعدها حكومة العثماني غير المأسوف عليهما، على فضائل الحوار مع الفرقاء الاجتماعيين، وكيف ناورتا للالتفاف على مكاسب الطبقة العاملة، وكيف عملتا بإجراءاتهما غير العادلة لتعميق أزمات أوسع الفئات الكادحة.
لقد وجد المتشككون والعدميون في عز الحملة الانتخابية، للعمل على تكذيب ما ورد من التزامات في البرنامج الانتخابي، للتجمع الوطني، والذي يقود اليوم التحالف الحكومي، ومن بينها الزيادة في أجور رجال التعليم.
واليوم يتأكد من خلال التصريح الحكومي، أن هناك وعي بحدة المشاكل التي عاشتها البلاد على مدى عقدين، ومن بينها التشنجات التي شهدتها الساحة الاجتماعية والرفض الحكومي للجلوس لمائدة التفاوض مع النقابات، وهو الأسلوب الذي أدى إلى مواجهات متعددة مع الفاعلين الاجتماعيين. وقاد إلى حركات اجتماعية ووقفات احتجاجية أمام البرلمان، وهو ما اعتبره العديد من المتتبعين تراجعا على المكاسب التي جاءت مع حكومة التناوب التوافقي في عهد الراحل عبد الرحمان اليوسفي.
رياح اليوم تعتبر أحد المداخل الأساسية، لإثارة أهداف بناء الدولة الاجتماعية، والتي تستحضر أوراشا بعينيها للتصدي الجماعي إلى الفوارق الاجتماعية، وإلى الخصاص المسجل على أكثر من مستوى اجتماعي. ويظل التفاوض الحقيقي ما بين الحكومة ووزراءها والقطاعات التي يشرفون عليها، والفاعلين الاجتماعيين خير أسلوب في التعاطي مع قضايا المجتمع، وليس السعي إلى سياسة دفن الرؤوس في الرمال وصم الآذان لصب مزيد من الزيت على النار كما فعل حزب العدالة والتنمية.
لقد أضاعت البلاد فرصا عديدة في التراجع عن مأسسة الحوار الاجتماعي، وهو في نهاية المطاف لم يكن في عمقه سوى خيارا نشازا، عن توسيع دائرة المشاركة في صناعة القرارات الوطنية بين مختلف الفاعلين السياسيين والاقتصاديين والاجتماعيين.. وما ترتب عن هذا التوجه من خلاصات يتداركها التصريح الحكومي، بجرأة وشجاعة لاسترداد الثقة التي عملت الحكومة السابقة على تدميرها وسط الناس وعلى رأسهم الطبقة العاملة .