الحاجة إلى مشهد سياسي كقاطرة للنمو
فؤاد الجعيدي
ونحن على عتبة أبواب استحقاقات قادمة، هل هناك آمال تلوح في الأفق لجعل هذه الاستحقاقات، مجالا لصراع الأفكار والبدائل التي تقو على التجاوب مع الانتظارات الواسعة للمواطنين في كل ربوع المملكة؟
هل أحزابنا السياسية، ستتقدم بأطر وكفاءات حاملة للأفكار العلمية والبرامج الملموسة التي تقدم الأجوبة الملموسة، لواقع يحبل بالاختلالات، وهو واقع زاد الطين بلة فيما يستوطنه من مفارقات بين المحظوظين والفقراء؟
يبدو فقط أن عاهل البلاد من ينصت إلى نبض المجتمع، وإلى جراح وآلام المستضعفين الذين اكتووا بنار حياة لا تتوفر بها كل الضمانات للعيش الآمن والكريم.
لكن السياسيين الذين تقلدوا مسؤوليات التدبير اليومي للشأن العمومي، ظلوا يتنابزوا بالألفاظ ويسخرون من بعضهم البعض، ويقيمون الفرجات اليومية على شاشات التلفزة، وفي المواقع الاجتماعية، بخطابات لا تنتج سوى الصراعات بين هذه القوى من التحالف الحكومي إلى المعارضة الوديعة التي تنتظر فرصتها في الجولة القادمة لتنال حظوتها من الكعكة السياسية.
العدالة والتنمية قائد التحالف الحكومي، على مدى عقدين من الزمن، خرج من التجربة منتصرا لأذرعه الدعوية والنقابية وحسن من عيش مريديه، بما جناه من مكاسب من الوزارات والجماعات التي أدارها دون أن يحقق الانتقال المنتظر وأن يوفر شروط التغيير لمغرب مغاير.
ولنقلها اليوم بالصراحة المطلوبة، أن من كان سببا في كل الأزمات لن يكون جزءا من الحل، والناس ينتظرون حلولا للعيش الكريم والأمن، وهذا الحل لن يترسخ، إلا بتوفير الشروط والضمانات في برامج تتعهد بتوفير الشغل للعاطلين والمقبلين على سوق العمل، ورعاية الصحة العمومية وتقريب خدماتها لكل المرضى، وتمكين الناس من الولوج للسكن بسومة تراعي الحد الأدنى للدخل للفئات الواسعة وحمايتها من أقساط الأبناك المبالغ فيها، والتي تسعى لتحقيق الأرباح دون المساهمة في توظيف جزء منها في أهداف المسار التنموي، وانتظارات الوطن إلا مؤسسات مالية قليلة والتي غدت تساهم في هذه التطلعات وتساهم في تمويل برامج اجتماعية وتساعد المقاولات الصغيرة والمتوسطة وتعمل على دعمها ومرافقتها في واقع اقتصادي مليء بالتحديات .
هناك تطلعات للمواطنين، في غد أفضل وهذا الغد لن يؤسس إلا بوجود قوى سياسية قوية ومسؤولة وفاعلة في المشهد وقاطرة له، ولها إرادة قوية في بناء هذا المستقبل على أسس مثل العدالة الاجتماعية وخدمة المواطنين في أمنهم وآمالهم في العيش الكريم، ومراعاة حقوقهم وحرياتهم السياسية والنقابة والاقتصادية والثقافية وتشجيعهم على المشاركة الواسعة في الحياة الاجتماعية والإنصات لمتطلباتهم كبشر في هذه الحياة.
المغرب يتوفر على إمكانيات هائلة ومهمة لإقلاع اقتصادي واجتماعي، وله تراث لا مادي غني وروافد في التراث والتاريخ وعلاقات مع إفريقيا وأروبا والعالم العربي والإسلامي، وتظهر اليوم مؤشرات على أن يلعب أدوراه في العمق الإفريقي، والساحة المغاربية، بفضل التوجهات الملكية الحداثية والمشاريع التي أشرف عليها في بناء الطرق السيار والموانئ وصناعة السيارات والطائرات والطاقات البديلة ومشروع الحماية الاجتماعية الذي يشكل اليوم وبكل المقاييس ثورة ناعمة وهادئة في أفق تعزيز الاستقرار الاجتماعي.