أي وظيفة لهاشتاغ ينهض من أزماتنا اليومية ؟
فؤاد الجعيدي
اختارت نخبنا التسلية بهاشتاغ (أخنوش ارحل) ،على وسائط التواصل الاجتماعي، لكي تعود أسعار المحروقات إلى سابق عهدها قبل اندلاع الحرب الروسية الأوكرانية.
الهاشتاغ، تحول بدوره إلى مادة للتحليل، لدى الإعلامي الأمريكي مارك اوين جونز، باعتباره متخصصا في دراسة وتحليل معطيات منصات مواقع التواصل الاجتماعي، يفيد في خلاصاته، أن هذه الحملة، مشبوهة باعتمادها على حسابات وهمية..
جونز يضيع علينا الذئب، ويقنعنا بأن محاولة تتبع آثاره هي جدوى التحليل الذي ينهجه وصولا إلى إماطة اللثام عن هذه الحملة الشعبية وأسباب نزولها.
إن هذا التحليل التقني الأمريكي، يود توجيه اهتمامنا إلى لعبة هذا التبني الذي ينشغل بتقديم الاحصائيات وافتحاصها وتقديم استنتاجات تبتعد بنا عما يؤرقنا اجتماعيا وبشكل يومي.
ما الذي قادنا لهذا الوضع، أن نتنازل مكرهين على ما ينبغي خوضه من كفاحات اجتماعية مدعومة بالتأطير السياسي لوقف مد هذا التصاعد الجنوني للأسعار، والذي أثر بشكل ملحوظ ولا سابق له على الأوضاع المادية لعموم المواطنين..
لنقلها صراحة، أن القوى السياسية التي تدير اليوم الشأن العمومي، لم تتوفق في تصريف كل التزاماتها وتعهداتها للناخبين في برامجها السياسية والاجتماعية. وسرعان ما أدارت ظهرها للأصوات التي بوأتها الصدارة في تشكيل الحكومة.
لقد انتهى الكلام المعسول، أمام حدة الأزمة التي فضل معها التحالف الحكومي دفن الرؤوس تحت الرمال كما النعام.
المعارضة هي الأخرى، بدأ منها أشباه الزعماء يلوكون كلاما لا يتعدى فرجة المسارح القديمة، كما يفعل ابن كيران والحاج نبيل ومن جاراهم في الصيام عن المواقف الحازمة والانخراط في تعبئة المواطنين لا تمتيعهم بخطب لا تسمن ولا تغني من جوع.
اليوم يتساوى الجميع في الركون وراء الهواتف الذكية لتمرير خطابات تفضح كل هذا الجبن المتشكك في معنى الالتزام السياسي الحقيقي، في أن التنظيمات السياسية وجدت أصلا، لمساعدة المواطنين على بناء قناعات حول القضايا وتكوين مواقف واضحة ومسؤولة، ثم خلق جبهات للتصدي لكل هذه السياسات التي تنتج مزيدا من التدهور المعيشي لأوسع الفئات.
واتخاذ المبادرات القوية والمنسجمة، بين فرق المعارضة لحمل الحكومة على التراجع عن توجهاتها السياسية التي زاغت بها عن تمثل أهداف الدولة الاجتماعية التي يتضح أن هناك نوايا لإقبار كل تطلعاتها نحو المضي لتحقيقها والتخفيف من الفوارق الاجتماعية.
مغرب اليوم في أمس الحاجة لقوى سياسية، صادقة وفاعلة ومتفاعلة مع نبض المجتمع، غير تلك التي ظلت تعمل على تعزيز مواقعها السياسية وتبني تطلعات قادتها على حساب المصالح الحيوية لأوسع الفئات.
ففي الأزمات يتضح جدوى السياسة في البحث عن طرق تخليص الدولة ورقاب المواطنين من كل آثار هذا التضخم وغلاء الأسعار، الذي لا يبقي ولا يذر للناس مجالا لاستقرارهم النفسي والاجتماعي، لكن هذا التوجه يقتضي مزيدا من الجرأة للمساس بهامش أرباح الشركات الكبرى، إلى حين أن تستقر أوضاع الأسواق الوطنية والدولية.
غير أن الإقدام على كذا قرار لا نتوفر على شروطه الموضوعية ما دام من يرأس الحكومة هو الخصم والحكم بيننا، ومن اختار أن يتولاه بهاشتاغ سيكون كمن يتمسح بجسد الميت.