حديث الروح
يكتبها لكم: د. سعيد ألعنزي تاشفين
قال الراوي الكتوم:
أحتاج بيدرا خارج النص كي أمد رأس هوسي في ثنايا البوح
يقول الليل لليل الفاتن رتّبتك عروض الفتنة و أنذرتك مواعيد وجعي الهطول وأذرفت حصيّات الخواطر ثم اتّسقت بفرمان صمت الأمسيات أُنسا رحيمًا في حضن الله .
يقول الليل الحصوف هامسًا ؛ أنبأتني الظّلمة عن خُطى الشوق ، والويل عن الليل منّي و من خُطاي ، و الطّمي عن سجايا الغفيلة و كل ما أملكه بضع حبات من طين يسترني ؛ كَفافًا كَفافًا وعَفافًا عَفافَا. لقد أنبأتني مواعيد الأمسيات ها هنا عن جنوح الانتظار ووابل البُهرج عن شرود العتمة وضحكات النُّجيمات؛ وتُحييني ابتسامة الله .
قالت السّماء للسّماء في حضرتي ، كيف أنذرتك ؟ فأجابت الأخرى ؛ تسبق بِشاراتك تُؤنس وحشة الروح في تخوم تفاصيلي . قالت؛ موكبك عميق مثل حُزنك وشظايا ما بقي من ملامحك الثائرة عليك تُتعبني . أجابت: يُرتب الله كوكبك ويُلملم أحزانك وتلك الأيام نداولها بين الناس .
سألتك أمسياتك على حين غفيلتك ؟، فأجابْت: دسّيني منكِ في حُزمة الليل الحرون .
ليلك يا ليلي وسماؤك يا سمائي الضّياع ؛ فأين فيلق الأسماء ؟ تلك سماء صاهرت المغنين والشعراء، وذلك ليل يغنّي للثكالى، وهذه أمسياتي لا مكان بها إلا للشّجون وانتظار المواعيد التي لا تأتي إلا طائفة بخواطر الغرقى .
لم يرحل ليلي بعد، ولكنها غيمة الهطول لم تسقط يميني؛ ولكنه رمي البذار، ولم تعتم عيوني ولكنه بوح التقاط الشوق على ضفاف وحدتي ، ولم ينعرج خطوي ولكنه اتّقاء الشائكة، ولم يضيق قلبي ولكنه حزن يشاركني فيه ربّي؛ ولكنكم لا تفقهون .
فيا قدحي في حضرة وحدتي، ويا حزني في كنف أمسياتي؛ فأنا لم أتغير أبدًا، ولكن لحظكما ينظر لغير انتباه الهُنيهة، وحُلمي يرعاه الله يدبّر أمري ولا علم لي؛ لا يكِلني إلى نفسي طَرفة عين، وسبحانه العزيز المتعال وراء القصد .
هكذا وكفى ..
** الصورة تؤرخ للحظةٍ أزفُّ فيها قدحي ويزفُّني ، ولكم دينكم وليَ دين .